١٣١١- وعن أَبي قتادة - رضي الله عنه -: أنَّ رسولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قَامَ فِيهِم فَذَكَرَ أنَّ الجِهَادَ في سَبيلِ اللهِ، وَالإيمَانَ بِاللهِ، أفْضَلُ الأعْمَالِ، فَقَامَ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رسولَ اللهِ، أرأيْتَ إنْ قُتِلْتُ في سَبيلِ اللهِ، أتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ لهُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "نَعَمْ، إنْ قُتِلْتَ في سَبيلِ الله وَأنْتَ صَابِرٌ مُحْتَسِبٌ، مُقْبِلٌ غَيْرُ مُدْبِرٍ"، ثُمَّ قَالَ
ــ
١٣١١- (وعن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قام فيهم) أي: في الصحابة (خطيباً فذكر أن الجهاد في سبيل الله) قدمه ذكراً على قرينه الأفضل منه، اهتماماً به؛ لقوة الداعية حينئذٍ إليه (والإِيمان بالله أفضل الأعمال) أي: مجموعها أفضل فالمخبر عنه بأفعل التفضيل واحد، ويجوز أن يكون المراد كل منهما أفضل الأعمال، ويكون ذلك بالنظر للجهاد ولدعاية الحاجة حينئذٍ إليه، على أن أفعل التفضيل المضاف لمعرفة تجوز مطابقته وتركها (فقام رجل) لم يسمه المصنف، ولا السيوطي (فقال: يا رسول الله أرأيت) بفتح التاء أي: أخبرني (إن قتلت في سبيل الله تكفر) بضم الفوقية وفتح الكاف والفاء المشددة أي تمحى (أعني خطاياي) وفي نسخة بزيادة همزة الاستفهام، أي: لفظاً وإلا فهي مرادة، والخطايا جمع خطيئة أصلها خطائي وزن فعائل، فأبدلت الياء بعد ألف الجمع همزة فصار خطائىء، بهمزتين ثم أبدلت الثانية ياء لتطرفها، ثم قلبت الكسرة قبلها فتحة على حد عذارى، ثم قلبت الياء ألفاً لتحركها، وانفتاح ما قبلها فصار خطآءاً بألفين بينهما همزة، فاجتمع شبه ثلاث ألفات، فابدلت الهمزة ياءً فصار خطاياً بعد خمسة أعمال، والخطية فعيلة من الخطي بكسر أوله، وهو الذنب. اهـ من شرح العمدة للقلقشندي (فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: نعم) أي: تكفر (إن قتلت في سبيل الله وأنت صابر محتسب) أي: طالب ثواب الله تعالى بالبناء للمجهول فهما شرِطان (مقبل غير مدبر) أي: على وجه الفرار ْالمحرم، أما إذا أدبر ليكر أو فر فراراً مباحاً بأن زاد الكفار على ضعف المسلمين، فالظاهر أنه لا يؤثر، ويحتمل أن ذلك مؤثر في عدم التكفير المذكور، وإن لم يأثم به فاعله ويؤيده ما يأتي عن المصنف، وجواب الشرط محذوف أي: تكفر عنك خطاياك لدلالة ما قبله عليه والجملة الاسمية حالية من رفوع قتلت، وقال الزملكاني: يحتمل أن يريد به مقبلاً غير مدبر، في وقت من الأوقات، فقد يقبل الشخص ثم يدبر، ويحتمل حمله على التأكيد، أو تمكين المعنى بالاحتراز عن إرادة التحيز كقوله تعالى:(أموات غير أحياء)(١) ويحتمل أن يكون أحدهما محمولاً على الجوارح، والآخر على القلوب، ويحتمل خلاف ذلك، كذا في قوت