للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ خَلَفَ غَازياً في أهْلِهِ بِخَيْرٍ فَقَدْ غَزَا" متفقٌ عَلَيْهِ (١) .

ــ

وقال الطبراني: فيه أن من أعان مؤمناً على عمل فللمعين عليه مثل أجر العامل، ومثله الإِعانة على معاصي الله تعالى للمعين عليها من الوزر ثقل ما على العامل منه، وقال القرطبي: ذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور في هذا الحديث وشبهه إنما هو بغير تضعيف قال: لأنه يجتمع في تلك الأشياء أفعال أخر وأعمال من البر، لا يفعل الدال الذي ليس عنده إلا مجرد النية الحسنة، وقد قال: أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير فله مثل نصف أجر الخارج، وقد قال: لينبعث من كل رجلين أحدهما والأجر بينهما، والحديث أخرجه مسلم. قال القرطبي: ولا حجة في هذا الحديث لوجهين:

أحدهما: أنه لم يتناول محل النزاع وهو أن ناوي الخير والمعروف هل له مثل أجر فاعله من غير تضعيف أو به، وهذا الحديث إنما اقتضى المشاركة والمشاطرة في العمل المضاعف فانفصلا.

ثانيهما: أن القائم على مال الغازي وأهله نائب عنه في عمل لا يتأتى له الغزو إن لم يكن ذلك العمل فصار كأنه باشر معه الغزو، فليس مقتصراً على النية فقط بل هو عامل في الغزو، ولما كان كذلك كان له مثل أجر الغازي كاملاً وافراً مضاعفاً، بحيث إذا أضيف ونسب إلى أجر الغازي كان نصفاً له، وبهذا يجمع بين حديث "من خلف غازياً في أهله بخير فقد غزا" وقوله في الحديث الثاني: "فله مثل نصف أجر الغازي ويبقى للغازي النصف" فإن الغازي لم يطرأ عليه ما يوجب تنقيص ثوابه، وإنما هذا كما قال: من فطر صائماً كان مثل أجر الصائم لا ينقص من أجره شيء. اهـ وعليه فقد صارت كلمة نصف مقحمة هنا بين مثل وأجر وكأنها زيادة ممن تسامح في إيراد اللفظ، بدليل قوله في الرواية الأخرى: والأجر بينهما، وأما إن تحقق عجزه وصدقت نيته، فلا ينبغي أن يختلف في أن أجره يضاعف كأجر العامل المباشر قاله العيني (متفق عليه) قال السيوطي في الجامع الكبير: ورواه أحمد وعبد بن حميد وأبو داوود والترمذي والنسائي وابن حبان عن زيد بن خالد، وأخرجه الدارمي والطبراني عنه بزيادة في آخره، ورواه ابن ماجه عنه بلفظ "من جهز غازياً في سبيل الله كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجر الغازي شيئاً" ورواه ابن ماجه أيضاً " عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بلفظ "من جهز غازياً حتى يستقل كان له مثل أجره حتى


(١) أخرجه البخاري في كتاب: الجهاد، باب: فضل من جهز غازياً وخلفه بخير (٦/٣٧) .
وأخرجه مسلم في كتاب: الإِمارة، باب: فضل إعانة الغازي في سبيل الله ... (الحديث: ١٣٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>