(عن أبي هريرة أن ناسا قالوا) في الرواية الرابعة، عن أبي سعيد "قلنا يا رسول الله" وفي رواية للبخاري " قال أناس: يا رسول الله" وفي رواية "إن الناس قالوا يا رسول الله" فلم يعين السائل ولعله أبو سعيد، وإسناد القول إلى الجماعة مع أن السائل واحد بتنزيل رضاهم عنه وحرصهم عليه منزلة النطق به.
(هل نرى ربنا يوم القيامة؟ ) في التقييد بيوم القيامة إشارة إلى أن السؤال لم يقع عن الرؤية في الدنيا، وإنما عن الرؤية في الآخرة، وهي محل البحث.
(هل تضارون) روي بتشديد الراء وضم التاء بصيغة المفاعلة، من الضر، وأصله "تضاررون" ومعناها: هل تضرون غيركم، أو يضركم أحد في حالة الرؤية، بزحمة أو مخالفة في الرؤية أو غيرها لخفائه؟ والاستفهام إنكاري بمعنى النفي، أي لا يحصل ذلك، كما لا يحصل عند رؤيتكم القمر ليلة البدر. أو تقريري، فلما أقروا، وقالوا: لا، قال:"فإنكم ترونه كذلك". وروي بتشديد الراء أيضا، لكن مع فتح التاء، وأصله تتضارون فحذفت إحدى التاءين تخفيفا، والمعنى لا يضر بعضكم بعضا بمنازعة ولا مجادلة ولا مضايقة، وروي بتخفيف الراء وضم التاء من الضير يقال: ضاره يضيره، وهو لغة في الضر، والمعنى: هل يلحقكم في رؤيته ضير؟ أي لا يخالف بعضكم بعضا فيكذبه وينازعه، فيضيره بذلك.
وروي "هل تضامون" بتشديد الميم وتخفيفها، فمن شددها فتح التاء فهو بحذف إحدى التاءين، من الضم، والمعنى: هل تضامون في رؤيته، يريد لا تجتمعون لرؤيته في جهة، ولا ينضم بعضكم إلى بعض.
ومن خفف الميم ضم التاء، من الضيم. وهو الغلبة على الحق. والاستبداد به، والمعنى: هل يلحقكم ضيم ومشقة وتعب؟ .
وروي "هل تمارون" بضم التاء وفتحها، مع تخفيف الراء، من المرية وهي الشك، أو من المراء وهي المجادلة، والمعنى: لا يشتبه عليكم ولا تشكون، فيعارض بعضكم بعضا.
(في الشمس ليس دونها سحاب) في الكلام مضاف محذوف، أي في رؤية الشمس، وجملة "ليس دونها سحاب" في محل النصب على الحال.
(فإنكم ترونه كذلك) معناه تشبيه الرؤية بالرؤية في الوضوح وزوال الشك، ورفع المشقة والاختلاف، قال ابن الأثير: قد يتخيل بعض الناس أن الكاف كاف التشبيه للمرئي، وهو غلط، وإنما هي كاف التشبيه للرؤية التي هي فعل الرائي، والمعنى أنها رؤية مزاح عنها الشك مثل رؤيتكم القمر. اهـ.