ذكرت هذه الآية ثلاثة أنواع من أنواع الوحي، وهي كالآتي:
١ - أن يلقي كلامه على النبي بكيفية غير معتادة فيعيه.
٢ - أن يكلمه مباشرة من وراء حجاب، فلا يرى النبي ربه، لكن يسمع كلامه، وقد وقع هذا لموسى عليه السلام في بدء وحيه، وفي ميعاده مع ربه لأخذ الشريعة التي كانت في الألواح. وحصل لنبينا محمدٍ صلّى الله عليه وسلّم في معراجه، حيث أخذ الأمر بالصلاة عن ربه مباشرة.
٣ - أن يرسل رسولاً من الملائكة، وغالباً ما يكون المرسَل جبريل عليه السلام إن كان الأمر يتعلق بالنبوة والشريعة (١)، وقد يرسل غيره لأمور أخرى، كما هو وارد في الآثار.
والوحي الذي يُنْزله الله بواسطة الملك جبريل على نبي من أنبيائه هو الغالب على الوحي إلى الأنبياء، فنُزول الملك جبريل عليه السلام على أحد من البشر إيذانٌ ببدء الوحي.
وهو من أمور الغيب التي يختص بها النبي المرسل، لذا فإن الاجتهاد في تقريب صورة الوحي إلى الأذهان بأمر من الأمور المحسوسة غير دقيق، ولا يمكن تقريب صورة الوحي هذه، كما اجتهد في تقريبها بعض المعاصرين.
كما أن ما يحكيه بعضهم من كيفية إتيان الملك للرسول صلّى الله عليه وسلّم من أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم ينخلع من صورة البشرية إلى صورة الملكية، فذلك مما لا دليل عليه.
ومن ثَمَّ، فالوحي بلغة القرآن والسنة: إعلام الله لنبي من أنبيائه
(١) من الملاحظ أنه لم ترد تفاصيل في كيفية وحي الله لأنبيائه، لكن هناك آثار تدل على أن المكلف بالوحي جبريل عليه السلام، ولم يخرج عن هذا الأسلوب من الإعلام بالنبوة سوى موسى عليه السلام حيث كان الوحي إليه مباشراً من الله، لذا لُقِّب بكليم الله، وكذا نزول الشريعة عليه، حيث أخذ الألواح في ميعاده مع ربه بعد تمام أربعين ليلة.