للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوحي

نزل جبريل عليه السلام بالقرآن على محمد صلّى الله عليه وسلّم في غار حراء، وكان ذلك أول بدءٍ للوحي بنُزول القرآن الكريم، لذا كان الحديث عن الوحي ونزول القرآن متلازمين لا ينفكان، وسيكون الحديث هنا عن الوحي من حيث كونه أساس نزول القرآن، ثمَّ عن نزول القرآن الكريم.

قال ابن فارس (ت٣٩٥هـ): «الواو والحاء والحرف المعتل أصل يدل على إلقاء علم في خفاءٍ، أو غيره إلى غيرك. فالوحي: الإشارة، والوحي: الكتابة والرسالة، وكل ما ألقيته إلى غيرك حتى عَلِمَهُ فهو وحي؛ كيف كان ...» (١).

وكل ما ذُكر من أنواع الوحي ـ كالإلهام، والرمز، والإشارة، والأمر، والكتابة ـ فإنها لا تخرج عن معنى (إلقاء علمٍ في خفاء).

أما الوحي الوارد في الكتاب والسنة فقد ورد في مواضع كثيرة تربو على المائة موضع (٢)، وهو على أنواع متعددة، وقد ذكرت آية سورة الشورى أعلى هذه الأنواع التي يقع فيها سماع كلام الله، قال تعالى:

{وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلاَّ وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ


(١) مقاييس اللغة، مادة (وحى)، وقريب من ذلك ما ذكره الراغب الأصفهاني: «أصل الوحي: الإشارة السريعة، ولتضمُّن السرعة قيل: أمرٌ وحيٌ، وذلك يكون بالإعلام على سبيل الرمز والتعريض، وقد يكون بصوت مجرَّدٍ عن التركيب، وبإشارةٍ ببعض الجوارح، وبالكتابة ...». مفردات ألفاظ القرآن، تحقيق: صفوان داودي (ص٨٥٨).
(٢) يلاحظ في ورود الوحي أنه قد يكون بلفظ الوحي ومشتقاته، أو بعبارة تدل على الوحي؛ كالنُّزول، وغيرها، في مثل قوله تعالى: {نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ} [الشعراء: ١٩٣].

<<  <   >  >>