كان ذلك مما يوهم فضل أتباع عيسى عليه السلام على أتباع محمد - صلى الله عليه وسلم - فأتبع ذلك بذكر هذه الأمة والثناء عليها، فافتتحت السورة بالتنزيه كما أشار إليه قوله:"كفرت طائفة"(الصف: ١٤) فإنهم ارتكبوا العظيمة وقالوا بالنبوة، فنزه سبحانه نفسه عن ذلك ثم قال:"هو الذى بعث في الأميين رسولا منهم" إلى قوله "ذو الفضل العظيم "، ثم أعلم تعالى بحال طائفة لاح لها نور الهدى ووضح لها سبيل الحق فعميت عن ذلك وارتبكت في ظلمات جهلها، ولم تزدد بما حملت إلا حيرة وضلالة فقال تعالى:"مثل الذين حملوا التوراة.... الآية".
وهي في معرض التنبيه لمن تقدم الثناء عليه ورحمة الله إياه لئلا يكونوا فيما
يتلو عليهم نبيهم من الآيات، ويعلمهم من الكتاب والحكمة مثل أولئك المتحَنين فإنهم مُقتوا ولُعنوا بعد حملهم التوراة، وزعموا أنهم التزموا حمله والوفاء به فوعظ هؤلا بمثالبهم لطفا من الله بهذه الأمة (وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) .
[سورة المنافقون]
لما أعقب حال المؤمنين فيما خصهم الله به مما انطوت عليه الآيات
الثلاث في صدر سورة الجمعة إلى قوله:"والله ذو الفضل العظيم "
(بذكر حال من لم ينتفع بما حُمِّل حسبما تقدم، وكان في ذلك من المواعظ