للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثم يقبض بيمناه كوع يسراه) استحبابًا لما روى قبيصة بن هلب عن أبيه (١) قال: كان رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يؤمنا فيأخذ شماله بيمينه. رواه الترمذي، وحسَّنه، وقال: وعليه العمل عند أكثر أهل العلم من أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- والتابعين ومَنْ بعدهم (٢). (ويجعلهما) أي يديه (تحت سرته) لقول علي: من السنة وضع اليمين على الشمال تحت السرة. رواه أحمد وأبو داود (٣). ومعناه: ذل بين يدي اللَّه -عز وجل- (٤).

(و) يسن أن (ينظر) في (مسجده) أي موضع سجوده (في كل صلاته) لقول أبي هريرة: كان أصحاب رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة. فلما نزل: {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (٢)} (٥) رمقوا (٦) بأبصارهم إلى موضع سجودهم (٧). ولأنه أخشع للمصلي وأكف لبصره، إلا إذا كان خائفًا من عدو، أو خاف ضياع ماله، فينظر إلى تلك الجهة للحاجة


(١) في الأصل: "عن جده" والتصحيح من "سنن" الترمذي، و"سنن" ابن ماجه، و"تحفة الأشراف" للمزي (٩/ ٧٣). ينظر: التعليق الآتي.
(٢) الترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء في وضع اليمين على الشمال في الصلاة (٢/ ٣٢)، وابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب وضع اليمين على الشمال في الصلاة (١/ ٢٦٦) عن هُلْبٍ الطائي. قال الترمذي: حديث هلب حديث حسن. اهـ
(٣) المسند (١/ ١١٠)، وأبو داود، كتاب الصلاة، باب وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة (١/ ٤٨٠) قال البيهقي في "معرفة السنن والآثار" (٢/ ٣٤١): والذي روي عن علي تحت السرة، لم يثبت إسناده. تفرد به عبد الرحمن بن إسحاق الواسطي، وهو متروك. اهـ وضعفه النووي في "المجموع" (٣/ ٣١٣).
(٤) في الأصل "ذل بين يدي عز" والمثبت من "شرح منتهى الإرادات" (١/ ١٧٦).
(٥) سورة المؤمنون، الآية: ٢.
(٦) رمق الشيء ببصره ويرامقه: إذا أتبعه بصره يتعهده وينظر إليه ويراقبه. ينظر "اللسان" (١٠/ ١٢٦). و"القاموس" (١١٤٦).
(٧) لم أر في "الدر المنثور" (٦/ ٨٣) أثرًا لأبي هريرة في هذه الآية. وإنما جاء نحو ذلك من قول ابن سيرين. أخرجه ابن جرير الطبري (١٨/ ٢) وينظر: "الدر المنثور" (٦/ ٨٣، ٨٤).