للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ركع ركعتين قبل القبلة، وقال: "هذه القبلة" (١). ولا يضر علو عن الكعبة كالمصلي على جبل أبي قبيس (٢)، ولا يضر نزول عنها كالمصلي في حفيرة في الأرض.

(و) فرض (بعيد) منها ومن مسجده -صلى اللَّه عليه وسلم- إصابة (جهتها) بالاجتهاد، لحديث أبي هريرة -مرفوعًا-: "ما بين المشرق والمغرب قبلة". رواه ابن ماجه، والترمذي (٣)، ويعفى عن انحرافه يسيرًا يمنة ويسرة، للخبر (٤)، وإصابة العين بالاجتهاد متعذرة، فإن أمكنه ذلك بخبر مكلفٍ عدل ظاهرًا وباطنًا، حرًّا كان أو عبدًا [رجلًا أو] (٥) امرأة، عن يقين، لزمه العمل به.

(و) يستدل -أيضًا- (بمحاريب المسلمين) لأن اتفاقهم عليها مع تكرر الأعصار إجماع عليها، وإن وجد محاريب لم يعلمها للمسلمين، لم يعمل بها، وإن كان بقرية، ولم يجد محاريب يعمل بها، لزمه السؤال. (وإن


(١) مسلم، كتاب الحج (٢/ ٩٦٨).
قال في "الشرح الكبير" (٣/ ٣٣١) على هذه المسألة: كذلك ذكره أصحابنا. وفي ذلك نظر، لأن صلاة الصف المستطيل في مسجد النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- صحيحة مع خروج بعضهم عن استقبال عين الكعبة، لكون الصف أطول منها. وقولهم: إنه عليه السلام لا يقر على الخطأ صحيح. لكن إنما الواجب عليه استقبال الجهة، وقد فعله، وهذا الجواب عن الخبر المذكور. اهـ
(٢) هو الجبل المشرف على الصفا، وهو ما بين أجياد الصغير إلى السويداء إلى الخندمة. وكان يسمى في الجاهلية: الأمين. ينظر: "أخبار مكة" للفاكهي (٤/ ٤٥)، و"أخبار مكة شرفها اللَّه" للأزرقي (٤٧٧)، و"الروض المعطار في خبر الأقطار" للحموي (ص ٤٥٢)، و"الزهور المقتطفة من تاريخ مكة المشرفة" لتقي الدين الفاسي (ص ٦).
(٣) ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب القبلة (١/ ٣٢٣)، والترمذي، أبواب الصلاة، باب ما جاء أن ما بين المشرق والمغرب قبلة (٢/ ١٧٣) قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. اهـ وقال النووي في "المجموع" (٣/ ٢٠٨): صح عن عمر موقوفًا عليه. اهـ ينظر: "التلخيص الحبير" (١/ ٢٢٥)، و"العلل" للدارقطني (٢/ ٣١) فيما يتعلق بأثر عمر.
(٤) أي المتقدم: "ما بين المشرق والمغرب قبلة".
(٥) ما بين معقوفين ليس في الأصل. والمثبت من "شرح منتهى الإرادات" (١/ ١٦٢).