للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث / الرقم المسلسل:

والثاني: في الأقوال (١) وقبل الخوض في ذلك، فاعلم أنهم


(١) اعلم أن الاختلاف في هذه المسألة واقع في أربعة مواضع.
الأول: ما يتعلق بالاعتقادية. وأجمعت الأمة على أن الأنبياء معصومون عن الكفر والبدعة.
الثاني: ما يتعلق بجميع الشرائع والأحكام من الله تعالى، وأجمعوا على أنه لا يجوز عليهم التحريف والخيانة في هذا الباب لا بالعمد ولا بالسهو، وإلَاّ لم يبقَ الاعتماد على شيء من الشرائع.
الثالث: ما يتعلق بالفتوى وأجمعوا على أنه لا يجوز تعمد الخطأ، فأما على سبيل السهو فقد اختلفوا فيه.
الرابع: ما يتعلق بأفعالهم وأحوالهم: وقد ذكر المؤلف المذاهب فيه. اهـ من كتاب "عصمة الأنبياء" للرازي، وقد غلا جماعة فجهلوا معنى المعصية وردوا الأحاديث الصحيحة بجهلهم وغلوهم هذا إذ قالوا: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يجوز عليه السهو ولا النسيان ظنًّا منهم أن هذا السهو معصية. وهذا من أبطل الباطل.
وقال أبو محمد بن حزم في "الملل والنحل": فإن قال قائل: فهلا نفيتم عنهم السهو بدليل الندب إلى التأسي بهم؟ قلنا وبالله التوفيق: إنكار ما ثبت كإجازة ما لم يثبت سواء ولا فرق. والسهو منهم قد ثبت بيقين. وأيضًا فإن ندب الله -تعالى- لنا بالتأسي بهم لا يمنع من وقوع السهو منهم، لأن التأسى بالسهو لا يمكن إلَّا بسهو منا، ومن المحال أن نندب إلى السهو أو نكلف السهو، لأننا لو قصدنا إليه لم يكن حينئذٍ سهوًا، ولا يجوز أيضًا أن ننهى عن السهو، لأن الانتهاء عن السهو ليس في بنيتنا ولا في وسعنا، وقد قال -تعالى-: {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} ونقول أيضًا: إننا مأمورون إذا سهونا أن نفعل كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا سها، وأيضًا فإن الله -تعالى- لا يقر الأنبياء- عليهم =

<<  <  ج: ص:  >  >>