للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما قلنا: توجه النفي إلى ذات القود؛ لأن القود معنى من المعاني، وليس له قيام إلا بالذات، والذات لا يتوجه إليه النفي، ولهذا نقول: المنفي في قولنا: ما زيد قائم هو اتصاف الزيد بالقيام لا ذات الزيد؛ لأن أنفس الذوات أي الأجسام تمتنع بنفسها كما تبين ذلك حيث بيَّن فيها أن أجسام العالم لا تحتمل الزيادة وإلَّا لزم تداخل الأجسام، ولا النقصان وإلا لزم الخلاء، فعلى هذا لا تنتفي الأجسام بمعنى، أنها تنعدم من العين مطلقًا، بل تتبدل عوارضه في غير الكون والفساد وصورها النوعية فيها، وإنما تبقى صفاتها الممكنة الانتفاء لا الممتنعة كالطول والعرض والقصر. فافهم.

وقال أبو بكر الرازي: خبر النعمان حوى معنيين:

أحدهما: بيان أن مراد الآية في ذكر القصاص والمثل.

والآخر: أنه ابتداء عموم يحتج به في نفي القود بغير السيف.

ثم هذا الحديث أخرجه عن إبراهيم بن مرزوق، عن أبي عاصم النبيل الضحاك بن مخلد شيخ البخاري، عن سفيان الثوري، عن جابر الجُعفي، عن أبي عازب مسلم بن عمرو أو مسلم بن أراك، عن النعمان بن بشير، أن رسول الله -عليه السلام- قال: "لا قود إلا بالسيف".

وأخرجه أبو داود الطيالسي (١): عن قيس، عن جابر الجعفي، عن أبي عازب، عن النعمان بن بشير، عن النبي -عليه السلام- قال: "لا قود إلا بحديدة".

وأخرجه الدارقطني (٢): نا محمَّد بن سليمان النعماني، نا الحسين بن عبد الرحمن الجرجرائي، ثنا موسى بن داود، عن مبارك، عن الحسن، قال رسول الله -عليه السلام-: "لا قود إلا بالسيف: قيل للحسن عمن؟ قال سمعت النعمان بن بشير يذكر ذلك.


(١) "مسند الطيالسي" (١/ ١٠٨ رقم ٨٠٢).
(٢) "سنن الدارقطني" (٣/ ١٠٦ رقم ٨٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>