للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حزنه عليه، فلما نزل قوله تعالى: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ} (١) الآية صَبَر رسول الله -عليه السلام- وكفَّر عن يمينه.

قوله: "إن كنت لوصولًا" كلمة "إنْ" مخففة من الثقيلة، وأصله: أنه كنت كذا وكذا، واللام في "لوصولًا" للتأكيد، والوصول صيغة المبالغة في الواصل، وكذلك فعول في الفاعل.

وقوله: "وايم الله" اسم مختص بالقسم، وليس بحرف خلافًا للزجاج، والمعنى: أحلف بيمين الله، ويقولون فيه: أيم الله وإيم الله بفتح الهمزة وكسرها وأصله أيمن الله، ويقال: مُن الله، ومَن الله، ومِن الله. ويقال أيضًا: مُ الله ومِ الله، والكل قسم كقولك: والله، وبالله، وتالله.

ص: وقد روي عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: لا قود إلا بالسيف.

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا سفيان الثوري، عن جابر، عن أبي عازب، عن النعمان، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "لا قود إلا بالسيف".

فدل هذا الحديث أن القود بكل قتل [ما كان] (٢) لا يكون إلا بالسيف.

ش: ذكر هذا الحديث شاهدًا لصحة ما ذهب إليه أهل المقالة الثانية، ولصحة ما استدلوا به من الآثار المذكورة؛ لأنه -عليه السلام- قال: "لا قود إلا بالسيف" ومعناه: لا قصاص حاصل إلا بالسيف، وقد علم أن النكرة في موضع النفي تعم، ويكون المعنى: لا فرد من أفراد القود إلا وهو يستوفى بالسيف، وفيه النفي والاستثناء، وهو طريق من طرق القصر، وتحقيق القصر فيه: أنه لما قيل: "لا قود" توجه النفي إلى ذات القود فانتفى القود المنكَّر الشامل لكل واحد من أفراد القود، ولما قيل إلا بالسيف جاء القصر، وفيه إثبات ذلك القود المنفي بالسيف،


(١) سورة النحل، آية: [١٢٦].
(٢) تكررت في "الأصل".

<<  <  ج: ص:  >  >>