للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل له: ليست هذه الآية يراد بها هذا المعنى، إنما أريد بها ما قد روي عن النبي -عليه السلام- مما رواه ابن عباس وأبو هريرة - رضي الله عنهم -:

حدثنا فهد، قال: ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني، قال: ثنا قيس، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: "لما قُتل حمزة - رضي الله عنه - ومُثِّل به، قال رسول الله -عليه السلام-: لئن ظفرت بهم لأمثلن بسبعين رجلًا منهم، فأنزل الله -عز وجل- قال: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} (١)، فقال رسول الله -عليه السلام-: بل نصبر".

حدثنا محمَّد بن خزيمة، قال: ثنا الحجاج بن المنهال (ح).

وحدثنا الحسين بن عبد الله بن منصور، قال: ثنا الهيثم بن جميل قالا: ثنا صالح المري، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة: "أن رسول الله -عليه السلام- وقف على حمزة حين استشهد، فنظر إلى أمر لم ينظر إلى أمرٍ قط أوجع لقلبه منه، فقال: يرحمك الله، إن كنت لوصولًا للرحم، فعولًا للخيرات، ولولا حزن مَن بعدك لسرني أن أدعك حتى تُحشر من أفواج شتى، وايم الله، لأمثلن بسبعين منهم، فنزل جبريل -عليه السلام- والنبي -عليه السلام- واقف بعد بخواتيم سورة النحل: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ} (١) إلى أخر السورة، فصبر رسول الله -عليه السلام- وكفَّر يمينه".

فإنما نزلت هذه الآية في هذا المعنى، لا في المعنى الذي ذكرت.

ش: تقرير السؤال أن يقال: من جهة أهل المقالة الأولى فيه من كيفية القصاص غير داخل فيما ذكرتم من الآثار؛ لأن الله تعالى قال: {وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ} (١)، ففي هذه الآية جواز التماثل في القصاص، فمن قَتَل بحديدة قُتِل بها، ومن قتل بحجر قتل به قتل بما قَتَل به.


(١) سورة النحل، آية: [١٢٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>