وأخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه"(١): عن أبي معاوية، عن الأعمش عن إبراهيم، عن الأسود، عن عمر - رضي الله عنه - قال:"من وهب هبة لذي رحم فهي جائزة، ومن وهب هبة لغير ذي رحم فهو أحق بها ما لم يثب منها".
قوله:"فهذا عمر - رضي الله عنه - قد فرق. . . ." إلى آخره. أشار بهذا إلى أن ما روي عن عمر بن الخطاب من هذا الحكم المفصل؛ هو عين مذهب أهل المقال الثانية؛ فإن عندهم: لا رجوع في الصدقات، ولم يخالفهم في هذا أحد، وأما الهبات فإنها على ضربين.
أحدهما: أن تكون لذوي الأرحام؛ فلا رجوع فيها.
والآخر: أن تكون للأجانب، ففيه الرجوع ما لم يعوض .. والله أعلم.
قوله:"حتى يثاب منها" أي حتى يعوَّض من هبته، والثواب هو العوض، ومنه ثواب الحسنات، وبهذا الفرق المروي عن عمر - رضي الله عنه - يرد على ابن حزم في قوله: الحكم في العائد في صدقته والعائد في هبته سواء والمفرق بينهما مخطئ.
ص: حدثنا سليمان بن شعيب، قال: ثنا عبد الرحمن بن زياد، قال: ثنا شعبة، عن جابر الجعفي، قال: سمعت القاسم بن عبد الرحمن يحدث، عن عبد الرحمن بن أبزى، عن علي - رضي الله عنه - قال:"الواهب أحق بهبته ما لم يثب منها".
فهذا علي - رضي الله عنه - قد جعل للواهب الرجوع فيه هبته ما لم يثب منها، وذلك عندنا على الواهب اللي جعل له عمر - رضي الله عنه - الرجوع في هبته على ما ذكرنا في الحديث الذي روينا عنه قبل هذا، حتى لا يتضاد قولهما في ذلك.
وقد حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن جابر، عن القاسم. . . . فذكر بإسناده مثله على ما روينا عن سليمان.