قلت: قال بعضهم يحتمل الحديث التقديم والتأخير كأنه أراد: نهى عن متعة النساء، وعن أكل لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر، ويكون الشيء المنهي عنه يوم خيبر أكل لحوم الحمر خاصة، ويكون النهي عن المتعة خارجًا عن ذلك موقوفًا على وقته بدليله، وهذا تأويل فيه بعد، والصحيح في الحديث ما رواه ابن بكير عن مالك بإسناده، فقال فيه:"نهى عن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر" لم يزد على ذلك.
ورواه الشافعي عن مالك بإسناده، عن علي -رضي الله عنه-: "أن رسول الله -عليه السلام- نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية" لم يزد على ذلك، وسكت عن قصة المتعة لما عُلِم فيها من الاختلاف.
وذكر سفيان وقال: ثنا الزهري، قال: أخبرني حسن وعبد الله ابنا محمد بن علي -وكان الحسن أرضاهما- عن أبيهما:"أن عليًّا قال لابن عباس: إن رسول الله -عليه السلام- نهى عن نكاح المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية" قال سفيان: يعني عن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر، لا يعني نكاح المتعة.
وقال أبو عمر: على هذا أكثر الناس، وعند الزهري أيضًا حديث آخر في هذا الباب، رواه عن الربيع بن سبرة، عن أبيه قال:"نهى رسول الله -عليه السلام- عن نكاح المتعة يوم الفتح".
وقال آخرون: إنما نهى رسول الله -عليه السلام- عن نكاح المتعة عام حجة الوداع، واحتجوا بما رواه أبو داود (١): ثنا مسدد، ثنا عبد الرزاق، عن إسماعيل بن أمية، عن الزهري قال:"كنا عند عمر بن عبد العزيز، فتذاكرنا متعة النساء، فقال رجل -يقال له: ربيع بن سبرة-: أشهد علي أبي أنه حدث عن رسول الله -عليه السلام- أنه نهى عنها في حجة الوداع".