للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زائرين وعائدين ومقتبسين. فقال العرباض: صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم ثم أقبل علينا بوجهه، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال رجل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا؟ قال: أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن كان عبدا حبشيّا؛ فإنه مَنْ يعش منكم بعدي فسيرى اختلافا كثيرا؛ فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور. فإن كلَّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة".

وأخرجه الترمذي (١): ولم يذكر الصلاة، وفي آخره تقديم وتأخر.

قوله: "مقتبسين" من الاقتباس وهو في الأصل: القَبَس من النار، وأراد به: الأخذ من العلم والأدب.

قوله: "ذرفت" أي دمعت.

قوله: "ووجلت" أي خافت وفزعت، من الوجل وهو الفزع.

قوله: "فماذا تعهد إلينا" من عَهِدَ إليه بكذا يَعهد إذا أوصى إليه.

قوله: "فعليكم بسنتي" أي: خذوا بها.

و"السُنة" في اللغة: الطريقة والعادة، قال الله تعالى: {فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا} (٢).

وفي الاصطلاح: ما صدر عن النبي - عليه السلام - غير القرآن من قول -ويسمى الحديث- أو فعل أو تقرير، وتطلق على سُنة غيره، كما ورد في قوله: "وسُنة الخلفاء الراشدين" من رَشَدَ يَرْشُدُ رُشْدا ورَشَدا، وهو خلاف الغَيّ، وأرشدته أنا إذا هديته، والمهدي الذي هداه الله إلى الحق، هداه يهديه فهو مهديّ، والله هاديه.


(١) "جامع الترمذي" (٥/ ٤٤ رقم ٢٦٧٦).
(٢) سورة فاطر، آية: [٤٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>