للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "لولا أن تدافنوا" من التدافن وهو التكاتم، وفي الحديث: "لو تكاشفتم لما تدافنتم" أي لو تكشَّف عيب بعضكم لبعض (١).

وفيه: جواز ركوب البغلة، وجواز اقتنائها، وإثبات عذاب القبر.

والسابع: عن سلمة بن الأكوع -رضي الله عنه-.

أخرجه بأسناد صحيح: عن أبي بكرة بكار القاضي، عن عمر بن يونس بن القاسم الحنفي اليمامي، عن عكرمة بن عمار اليمامي، عن إياس بن سلمة، عن أبي سلمة بن الأكوع.

وأخرجه مسلم بأتم منه (٢): ثنا زهير بن حرب، قال: ثنا عمر بن يونس الحنفي، قال: ثنا عكرمة بن عمار، قال: حدثني إياس بن سلمة، قال: حدثني أبي قال: "غزونا مع رسول الله -عليه السلام- حنينًا، فلما واجهنا العدو تقدمت فأعلوا ثنية فاستقبلني رجل من العدو فأرميه بسهم فتوارى عني، فما دريت ما صنع، ونظرت إلى القوم فإذا هم قد طلعوا من ثنية أخرى، فالتقوا هم وصحابة


(١) وقال المناوي في "فيض القدير" (٥/ ٣٤٢): ومعنى لولا أن لا تدافنوا: أنهم لو سمعوه لتركوا التدافن حذرًا من عذاب القبر أو لاشتغل كلُّ بخويصته، حتي يفضي بهم إلى ترك التدافن.
وقيل: "لا" زائدة، ومعناه لولا أن تموتوا من سماعه؛ فإن القلوب لا تطيق سماعه، فيصعق الإنسان لوقته، فكنى عن الموت بالتدافن، ويرشد إليه قوله في الحديث الآخر: "لو سمعه الإنسان لصعق" أي: مات.
وفي رواية لأحمد: لولا أن تدافنوا بإسقاط "لا" وهو يدل على زيادتها في تلك الرواية, وقيل: أراد لأسمعتكم عذاب القبر أي صوته. . .
ثم قال: وليس معناه: أنهم لو سمعوا ذلك تركوا التدافن لئلا يصيب موتاهم العذاب كما قيل، لأن المخاطبين -وهم الصحب- عالمون بأن العذاب -أي عذاب الله- لا يرد بحيلة، فمن شاء تعذيبه عذبه ولو في بطن حوت، بل معناه: لو سمعوا عذابه تركوا دفن الميت استهانة به أو لعجزهم عنه لدهشتهم وحيرتهم أو لفزعهم وعدم قدرتهم على إقباره، أو لئلا يحكموا على كل من اطلعوا على تعذيبه في قبره بأنه من أهل النار؛ فيتركوا الترحم عليه وترجي العفو له.
(٢) "صحيح مسلم" (٣/ ١٤٠٢ رقم ١٧٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>