للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد روي عن أبي عبد الله رواية أخرى: أن الدابة ليست من السلب. وقال أيضًا: الدابة وما عليها من سرجها ولجامها وجميع آلتها من السلب إذا كان راكبًا عليها، فإن كانت في منزله أو مع غيره لم تكن من السلب كالسلاح الذي ليس معه، فإن كان راكبًا عليها فصرعه عنها أو أسعره عليها ثم قتله بعد نزوله عنها فهي من السلب. وهكذا قول الأوزاعي.

وإن كان ممسكاً بعنانها غير راكب عليها، فعن أحمد فيها روايتان:

إحداهما: هي من السلب، وهو قول الشافعي.

والثانية: ليست من السلب، وهو ظاهر كلام الخرقي واختيار الخلال.

قوله: "حتى كاد يحرجه" أي يضيق عليه ويوقعه في الحرج.

قوله: "مثل صبيغ الذي ضربه عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-" وهو صبيغ بن عِسْل التميمي، وكان قدم المدينة وسأل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- عن متشابه القرآن، وكانت عنده كتب؛ فضربه عمر -رضي الله عنه- حتى أدماه.

وذكر حماد بن زيد بإسناده: "لقد رأيت صبيغًا بالبصرة كأنه بعير أجرب يجيء إلى الحلق فكلما جلس إلى حلقة قاموا وتركوه".

وروى سعيد بن المسيب قال: "جاء صبيغ إلى عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن {وَالذَّارِيَاتِ} (١)، قال: الرياح، قال: فأخبرني عن {فَالْحَامِلَاتِ وِقْرًا} (٢) فقال: هي السحاب، قال: فأخبرني عن {فَالْجَارِيَاتِ} (٣)، قال: هي السفن، ثم أمر به فضرب مائة، وجعله في بيت، فلما برئ، ضَرَبه مائة أخرى، وحمله على قتب، وكتب إلى أبي موسى: امنع الناس من مجالسته، فلم يزل كذلك حتى أتى أبا موسى فحلف له بالأيمان المغلظة ما يجد في نفسه مما كان، فكتب


(١) سورة الذاريات، آية: [١].
(٢) سورة الذاريات، آية: [٢].
(٣) سورة الذاريات، آية: [٣].

<<  <  ج: ص:  >  >>