للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد حدثنا يونس، قال: أنا ابن وهب، أن مالكًا حدثه، عن ابن شهاب، عن القاسم بن محمد، قال: "سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن الأنفال؟ فقال ابن عباس -رضي الله عنهما-: الفرس من النفل، ثم عاد لمسألته، فقال ابن عباس -رضي الله عنهما- ذلك أيضًا، ثم قال الرجل: الأنفال التي قال الله -عز وجل- في كتابه ما هي؟ قال القاسم: فلم يزل يسأله حتى كاد يحرجه".

حدثنا ابن مرزوق، قال: ثنا أبو عامر، قال: ثنا مالك، عن الزهرى، عن القاسم بن محمد: "أن رجلاً سأل ابن عباس عن الأنفال، فقال: الفرس والسلب من الأنفال".

حدثنا يونس وربيع المؤذن، قالا: ثنا بشر بن بكر، قال: حدثني الأوزاعي، قال: أخبرني الزهري، عن القاسم بن محمد، عن ابن عباس قال: "كنت جالسًا عنده فأقبل رجل من أهل العراق فسأله عن السلب، فقال: السلب من النفل، وفي النفل الخمس".

فهذا ابن عباس -رضي الله عنهما- جعل في السَلَب الخُمس، وجعله من الأنفال، وقد كان عَلِمَ من رسول الله -عليه السلام- ما قد ذكرناه في أول الباب من تسليمه إلى الزبير سلب القتيل الذي كان قتله.

فدل ذلك أن ما تقدم من رسول الله -عليه السلام- يوم بدر لم يكن عند ابن عباس منسوخًا، وأن ما قضى به من سلب القتيل الذي قتله الزبير -رضي الله عنه- إنما لقول كان تقدم منه أو لمعنى غير ذلك.

فهذا حكم هذا الباب من طريق تصحيح معاني الآثار.

ش: ذكر هذا أيضًا شاهدًا لصحة ما قاله أهل المقالة الثانية من أن السلب لا يجب للقاتل إلا بقول الإِمام: من قتل قتيلاً فله سلبه؛ وذلك لأن مكحولاً روى عن أنس ما يدل على ذلك، وأنه ذهب في الأسلاب إلى ما ذكر هؤلاء، وكذلك ذكر القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق -رضي الله عنهم- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- ما يدل على ما ذكروه؛ لأنه جعل في السَّلَب الخُمْس وجعله من جملة الأنفال، والحال أنه قد كان

<<  <  ج: ص:  >  >>