للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر: هذا يدل على أن أمر السلب إلى الأمير ولو كان للقاتل قضاء من النبي -عليه السلام- ما احتاج هؤلاء -يعني عمر بن الخطاب وأبا طلحة وأنس بن مالك -رضي الله عنهم- أن يضيفوا ذلك إلى أنفسهم بإجتهادهم، ولأخذه القاتل بدون أمرهم.

فإن قيل: قال البيهقي (١): قال الشافعي: هذه الرواية عن عمر -رضي الله عنه- ليست من روايتنا وله رواية عن سعد بن أبي وقاص في زمان عمر تخالفها، ثم قال الشافعي: أنا ابن عيينة، عن الأسود بن يزيد، عن رجل من قومه يقال له شبر بن علقمة قال: "بارزت رجلاً يوم القادسية فقتلته، فبلغ سلبه اثنى عشر ألفا فنفلنيه سعد -رضي الله عنه-".

قلت: الرواية بالتخميس عن عمر -رضي الله عنه- صحيحة وإن لم تكن من رواية الشافعي؛ فإن الطحاوي: أخرجها عنه بإسناد صحيح.

وكذلك أخرجها أبو بكر بن أبي شيبة في "مصنفه" (٢) بإسناد وصحيح.

والرواية عن سعد ليست بمخالفة لذلك في المعنى، بل موافقة، فدلتا الروايتان على أن الأمر في ذلك مفوض إلى رأي الإِمام، فرأى عمر -رضي الله عنه- المصلحة في التخميس، ورأى سعد المصلحة في تنفيل ذلك لشبر، وقد ذكر أبو عمر قضية شبر ثم قال: وهذا يدل على أن أمر السلب إلى الأمير دون القاتل.

ص: حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا عبد الله بن يوسف، قال: ثنا يحيى بن حمزة، قال: حدثني عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، أن أباه أخبره: "أنه سأل مكحولاً: أيخمس السَّلب؟ فقال: حدثني أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن البراء بن مالك بارز رجلاً من عظماء فارس فقتله، فأخذ البراء سلبه، فكُتِبَ فيه إلي عمر -رضي الله عنه-، فكتب عمر -رضي الله عنه- إلى الأمير: أن اقبض إليك خمسه وادفع إليه ما بقي، فقبض الأمير خمسه.

فهذا مكحول قد ذهب أيضًا في الأسلاب إلى ما ذكرنا.


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٦/ ٣١١ رقم ١٢٥٦٩).
(٢) "مصنف ابن أبي شيبة" (٦/ ٤٧٨ رقم ٣٣٠٨٧)، (٦/ ٥٥٣ رقم ٣٣٧٥٣)، (٦/ ٥٥٣ رقم ٣٣٧٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>