فهؤلاء أصحاب رسول الله -عليه السلام- لم يجعلوا قول رسول -عليه السلام- يوم حنين:"من قتل قتيلاً فله سلبه" على النسخ للحكم المتقدم لذلك في يوم بدر.
ش: تقرير السؤال أن يقال لأهل المقالة الثانية: إن استدلالكم -بحديث عبد الرحمن بن عوف الذي جعل فيه رسول الله -عليه السلام- سَلَب أبي جهل لأحد قاتليه دون الآخر، وبحديث عبادة بن الصامت الذي لم يفضل فيه رسول الله -عليه السلام- الطائفة الذين تولوا القتل على الآخرين- لا يتم ولا يصح ولا تقوم به دعواكم في أن السلب لا يجب للقاتل بقتله ولا يكون له إلا بقول الإِمام: من قتل قتيلاً فله سلبه تحريضًا للناس على القتال لما يرى فيه من مصلحة المسلمين؛ وذلك لأن هذا كان يوم بدر قبل أن تجعل الأسلاب للقاتلين، ثم جعل رسول الله -عليه السلام- يوم حنين الأسلاب للقاتلين، فقال:"من قتل قتيلاً فله سلبه" فنسخ هذا الحكم ما تقدمه من الحكم الذي كان يوم بدر، وكان بين بدر وحنين أعوام؛ لأن غزوة بدر كانت في سنة ثنتين من الهجرة، وغزوة حنين كانت في سنة ثمان من الهجرة، فثبت بذلك أن السَلَبَ للقاتل على كل حال سواء قال الإِمام:"من قتل قتيلاً فله سلبه" أو لم يقل.
وقال ابن حزم (١): وكل من قتل قتيلاً من المشركين فله سلبه، قال ذلك الإِمام أو لم يقله، كيف ما قتله صبرًا أو في القتال، ثم استدل على ذلك بحديث أبي قتادة:"أن رسول الله -عليه السلام- قال بعد انقضاء القتال يوم حنين: من قتل قتيلاً له عليه بينة فله سلبه".
والجواب عن ذلك ظاهر، قد أمعن فيه الطحاوي -رحمه الله-، وأيده بحديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-.
أخرجه بإسناد صحيح رجاله كلهم رجال الصحيح: عن يونس بن عبد الأعلى، عن سفيان بن عيينة، عن أيوب السختياني، عن محمد بن سيرين، عن أنس.