قوله: "لمن المَغْنَم" المغنم بفتح الميم، والغُنْم بضم الغين، والغنيمة كلها سواء، وهو المال الذي يؤخذ من أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، يقال: غَنِمْتُ أَغْنَمُ غَنْمًا وغَنِيمة، وتجمع على مغانم، والغنيمة على غنائم، والغُنْم -بالضم-: الاسم، وبالفتح: المصدر، والغانم آخذ الغنيمة، والجمع الغانمون.
ومما يستفاد من الحديث المذكور: أنه يدل على أن أحدًا من الغزاة لا يختص بشيء من الغنيمة إلا بتعيين الإِمام له من سلب المقتول، وأن الذي يتولى القتال والذي يحضره ولا يتولاه سواء.
وقد شنع ابن حزم ها هنا وقال: هذا الحديث عن رجل مجهول لا يدرى أصدق في ادعائه الصحبة أم لا؟ ولئن سلمنا صحبته ليس لكم فيه حجة؛ لأن الخمس من جملة الغنيمة يستحقه دون أهل الغنيمة من لم يشهد الغنيمة بلا خلاف، وأيضًا فهذا الحديث حجة عليكم؛ لأنكم تقولون: إن القاتل أحق بالسلب من غيره إذا قال الإِمام: من قتل قتيلاً فله سلبه.
قلت: جهالة الصحابي لا تضر صحة الحديث، وطعنه بهذا ساقط. وقد أخرج الله الخمس من جملة الغنيمة وجعل له مصرفًا معينًا.
وأما كون القاتل أحق بالسلب من غيره فبتخصيص الشارع له إياه، فيكون هذا أيضًا خارجًا عن جملة الغنيمة؛ إذ لو كانت من الغنيمة لتساوى فيها أهل الغنيمة كلهم، فافهم.
ص: فإن قال قائل: إن الذي ذكرتموه من سَلَب أبي جهل، وما ذكرتموه في عبادة إنما كان ذلك في يوم بدر قبل أن تجعل الأسلاب للقاتلين، ثم جعل رسول الله -عليه السلام- يوم حنين الأسلاب للقاتلين، فقال: من قتل قتيلاً فله سلبه، فنسخ ذلك ما تقدمه.
(١) بيض له المؤلف، وقال في "عمدة القاري" (٦/ ١٩٠): قوله: "بوادي القرى": هو من أعمال المدينة، وقال ابن السمعاني: وادي القرى مدينة بالحجاز مما يلي الشام، فتحها النبي - صلى الله عليه وسلم - في جمادى الآخرة سنة سبع من الهجرة لما انصرف من خيبر بعد أن امتنع أهلها وقاتلوا.