تقريره: أن الاستدلال بالأحاديث المذكورة في كون السلب للقاتل على كل حال لا يتم؛ لأنه قد يجوز أن يكون كون السلب للقاتل في الأحاديث المذكورة؛ لأجل قول قد كان تقدم من النبي -عليه السلام- بأن كان قد جعل سلب كل قتيل لمن قتله فحينئذٍ لا يكون السلب للقاتل إلا بقول الإِمام:"من قتل قتيلاً فله سلبه" ولم يكن السلب واجبًا للقاتل بقتله إياه، والدليل على ذلك: حديث عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه-، فإن رسول الله -عليه السلام- قد قال فيه للذين قتلا أبا جهل لعنه الله:"إنكما قتلتماه" ثم حكم بالسلب لأحدهما دون الآخر فدلَّ ذلك أن السلب لم يجب للقاتل بسبب قتله؛ إذ لو كان كذلك لكان رسول الله -عليه السلام- حكم بسلب أبي جهل بينهما، فلما جعله لأحدهما دون الآخر دلّ ذلك أنه -عليه السلام- لم يكن قال يومئذٍ: من قتل قتيلاً فله سلبه.
وإسناد هذا الحديث صحيح. وقد ذكره الطحاوي بعينه في أول الباب، غير أن هناك: عن إبراهيم بن أبي داود، عن سعيد بن سليمان الواسطي.
وها هنا عن إبراهيم بن أبي داود، عن إبراهيم بن حمزة الزبيري. وإبراهيم بن حمزة هذا روى عنه البخاري في "صحيحه" وأبو داود في "سننه".
والحديث أخرجه البخاري ومسلم، وقد ذكرناه في أول الباب (١).
قوله:"إني لقائم""اللام" فيه للتأكيد؛ فلهذا جاءت مفتوحة.
قوله:"تمنيت لو أني بين أضلع منهما" أي بين أشد وأقوى من الرجلين اللذين كنت بينهما، وأضلع: أفعل التفصيل من الضلاعة وهي القوة، يقال: اضطلع بحمله: أي قوي عليه ونهض به.
قوله:"لا يفارق سوادي سواده" أي شخصي شخصي، وإنما سمي الشخص سوادًا؛ لأنه يرى من بعيد أسود.