للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حدثنا فهد، قال: ثنا ابن أبي مريم قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، قال: أنا إبراهيم بن ميسرة، قال: أخبرني عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن المخابرة والمزابنة والمحاقلة".

حدثنا أبو بكرة، قال: ثنا حسين بن حفص، قال: ثنا سفيان، قال: حدثني سَعْد بن إبراهيم، قال: حدثني عمر بن أبي سلمة، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال: "نهى رسول الله -عليه السلام- عن المحاقلة والمزابنة. قال والمحاقلة: الشرك في الزرع، والمزابنة: التمر بالتمر في النخل".

فهذه الآثار قد تواترت عن رسول الله -عليه السلام- بالنهي عن بيع الكيل من التمر بالثمر في رءوس النخل، فإن حمل تأويل العرايا على ما ذهب إليه أبو حنيفة كان النهي على عمومه ولم يبطل منه شيء، وإن حمل على ما ذهب إليه مالك بن أنس: خرج منه ما تأول هو العرية عليه، فلا ينبغي أن يخرج شيء من حديث متفق عليه إلا بحديث متفق على تأويله، أو بدلالة أخري متفق عليها، وقد روي أيضًا عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قد ذكرناه في غير هذا الموضع، في النهي عن بيع الرطب بالتمر، فإن حملنا معني العرية على ما قال مالك؛ ضاد ما روي في النهي عن بيع الرطب بالتمر، وإن حملناه على ما قال أبو حنيفة؛ اتفقت معانيها ولم تتضاد، وأولى بنا في صرف وجوه الآثار ومعانيها ما ليس فيه تضاد ولا معارضة سنة بسنة.

فقد ثبت بما ذكرنا في العرايا ما ذهب إليه أبو حنيفة، والله أسأله التوفيق.

ش: أشار بهذا الكلام إلى ترجيح تأويل أبي حنيفة في العرايا على تأويل غيره، بيان ذلك أن الأحاديث الصحيحة قد جاءت عن النبي -عليه السلام- متواترة -يعني متكاثرة، ولم يرد بها التواتر المصطلح عليه- بالنهي عن بيع الثَّمَر -بالثاء المثلثة وفتح الميم- بالتمر -بالتاء المثناة من فوق وسكون الميم- فمنها أي من هذه الأحاديث: ما قد مر ذكره في أول هذا الباب، وهو حديث ابن عمر الذي أخرجه من طرق متعددة، وفيه نهي رسول الله -عليه السلام- عن بيع الثمر بالتمر، ومنها ما أخرجه

<<  <  ج: ص:  >  >>