للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بما يوسق ويكال، ويحتج به لأحد القولين، لاختصاص ذلك بالتمر والزبيب، وما في معناه مما ييبس ويدخر ويأخذه المكيل.

وقد ذكر أبو داود عن أبي هريرة الحديث وفيه: "فيما دون خمسة أوسق".

فقد قصر -عليه السلام- الرخصة والحكم في العرية على هذا القدر المذكور في الحديث فلا يزاد عليه، وكان الخمسة الأوسق هو أول مقادير المال الكثير الذي تجب فيه الزكاة من هذا الجنس، وقد اختلف قول مالك في إجراء حكم العرية في خمسة أوسق فقال به في مشهور قوله؛ اتباعًا لما وجد عليه العمل عندهم بالمدينة، وقال أيضًا: لا يجوز في الخمسة ويجوز فيما دونها، لأنه المتحقق في الحديث، والخمسة مشكوك فيها، وبهذا قال الشافعي إلا أنه قال: لا أفسخ البيع في مقدار خمسة أوسق وأفسخه فيما وراءه، وحكي ابن القصار عنه اختلاف قوله كاختلاف قول مالك، وهذا في شرائها بخرصها تمرًا، وأما شراؤها بالدنانير والدراهم والعروض على مشهور قول مالك؛ فجائز من ربها وغيره وإن جاوزت خمسة أوسق، وقال الإِمام أما شك الرواي في الخمسة أوسق فعندنا اختلاف في جواز البلوغ إليها، وقد قال بعض المخالفين: إذا شك الراوي بين خمسة فما دون فلا وجه للتعلق بروايته في تحديد مقدار ما دون الخمسة أوسق، ولكن وقع في بعض الروايات: "أربعة أوسق" فوجب الانتهاء إلى هذا للتيقن، وإسقاط ما زاد عليه، وإلى هذا المذهب مال ابن المنذر، وألزم المزني الشافعي أن يقول به.

ص: حدثنا أحمد بن داود، قال: ثنا عبيد الله بن محمد التيمي، قال: أنا حماد بن سلمة، عن محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن الواسع بن حَبَّان، عن جابر بن عبد الله: "أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رخص في العرية في الوسق والوسقين والثلاثة والأربعة، وقال: في كل عشرة أقناء قنو، يوضع في المسجد للمساكين".

ش: إسناده صحيح، ورجاله ثقات قد تكرر ذكرهم.

وحَبَّان في الموضعين بفتح الحاء وتشديد الباء الموحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>