للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن حزم (١): ولا يحل لأحد تلقي الجلب سواء خرج لذلك أو كان ساكنًا على طريق الجلّاب، وسواء بَعُد موضع تلقيه أو قرب، ولو أنه عن السوق على ذراع فصاعدًا، لا لأضحية ولا لقوت ولا لغير ذلك، أضر ذلك بالناس أو لم يضر، فمن تلقى جلبًا أي شيء كان فاشتراه، فإن الجالب بالخيار إذا دخل السوق متى ما دخله ولو بعد أعوام في إمضائه البيع أو ردَّه، فإن رده حكم فيه بالحكم في البيع يرد بالعيب لا في المأخوذ بغير حق ولا يكون رضا الجالب إلا بأن يلفظ بالرضا لا بأن يسكت علم أو لم يعلم، فإن مات المشتري فالخيار للبائع باق، فإن مات البائع قبل أن يرد أو يُمض فالبيع تام.

ثم قال: وممن نهى عن تلقي الركبان الجالبين جملة: الليث بن سعد والحسن ابن حيي وأحمد بن حنبل وإسحاق والشافعي وأبو سليمان وأصحابهم، وقال الشافعي وأبو سليمان بإيجاب الخيار للبائع إذا قدم السوق، ونهى عنه الأوزاعي إن كان بالناس إليه حاجة، وقال مالك: لا يجوز ذلك للتجارة خاصة، ويؤدب من فعل ذلك في نواحي المصر فقط، ولا بأس بالتلقي لابتياع القوت من الطعام، والأضحية. انتهى.

وقال عياض في "شرح مسلم": واختلف في تلقي الجلب إذا وقع، فعن مالك وبعض أصحابه: ينهى ولا يتتزع منه، ورأى بعض أصحابنا فسخ بيع المتلقي، والشافعي وأحمد يريان للبائع الخيار كما جاء في الحديث، ومال إليه بعض أصحابنا، والمشهور عن مالك وكثر أصحابه أن يعرض على أهل السوق، فإن لم يكن سوق فأهل المصر، فيشترك فيهم من شاء منهم.

وقال الاصطخرى: إما يكون البائع بالخيار إذا اشتريت بأعلى من ثمنها، واختلف عندنا في حد التلقي الممنوع، فعن مالك: كراهة ذلك على مسيرة يومين، وعن مالك: تخفيفه وإباحته على ستة أميال، ولا خلاف في منعه إذا كان قرب المصر


(١) "المحلى" (٨/ ٤٤٩ - ٤٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>