للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المناقشة الرابعة: في قوله: "ومخرمة لم يسمع من أبيه شيئًا".

فنقول: يرد ذلك قول مالك بن أنس: "قلتُ لمخرمة: ما حدثت به عن أبيك سمعته منه؟ فحلف بالله: لقد سمعته".

وذكر ابن الطحان في كتابه "رجال مالك": قال محمد بن الحسن بن أنس: قال لي مالك: "لقيت مخرمة بالروضة، فقلت: أسألك برب هذه الروضة، أسمعت من أبيك شيئًا؟ قال: نعم".

وقال معن بن عيسى القزاز: مخرمة سمع من أبيه.

المناقشة الخامسة: في قوله: "ليس في شيء من هذا أنه -عليه السلام- علم بذلك فأقره ... " إلى آخره.

فنقول: قول الصحابي: كان الأمر كذا على عهد رسول الله -عليه السلام-، أو: كنا نفعل كذا، يدل على أن ذلك الأمر كان شرعًا، على ما ذكره المحققون، ولكن الجواب عن حديث ابن عباس هذا ما ذكره الشافعي: فقال: يشبه أن يكون ابن عباس قد علم شيئًا ثم نسخ.

وسيجيء ذلك في بابه إن شاء الله تعالى.

وقال ابن سريج: يمكن أن يكون ذلك إنما جاء في نوع خاص من الطلاق الثلاث وهو أن يفرق بين اللفظ كأنه يقول: أنت طالق أنت طالق كان في عهد النبي -عليه السلام- وأبي بكر وعمر والناس على صدقهم وسلامتهم ولم يكن طريقهم الخداع، فكانوا يُصَدِّقُون بأنهم أرادوا الثالثة لا الثلاث، فلما رأى عمر -رضي الله عنه- أمورًا ظهرت وأحوالًا تغيرت منع من حمل اللفظ على التكرار وألزمهم الثلاث. وقال بعضهم: إنما ذلك في غير المدخول بها.

وإلى هذا ذهب جماعة من أصحاب ابن عباس رأوا أن الثلاث لا تقع على غير المدخول بها؛ لأنها بالواحدة تبين.

<<  <  ج: ص:  >  >>