للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقام رسول الله -عليه السلام- فينا خطيبًا فقال: أيها الناس، إن الله -عز وجل- حرم مكة يوم خلق السماوات والأرض، فهي حرام من حرام الله إلى يوم القيامة، لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا ولا يعضد بها شجرًا، لم تحلل لأحد كان قبلي، ولا تحل لأحد يكون بعدي، ولم تحلل لي إلاَّ هذه الساعة غضبًا على أهلها، أَلَا ثُم قد رجعت كحرمتها بالأمس، أَلَا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، فمن قال لكم: إن رسول الله -عليه السلام- قد قاتل بها، فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحللها لكم يا معشر خزاعة، ارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر أن يقع، [لئن] (١) قتلتم قتيلًا لأدينَّه، فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين: إن شاءوا أخذوا بقتاله، وإن شاءوا بِعَقْله ثم ودَّي رسول الله -عليه السلام- الرجل الذي قتلته خزاعة.

فقال عمرو بن سعيد لأبي شريح: انصرف أيها الشيخ، فنحن أعلم بحرمتها منك، إنها لا تمنع سافك دم ولا خالع طاعة ولا مانع خربة، قال: فقلت: قد كنتُ شاهدًا وكنتَ غائبًا، فقد بلغت وقد أمرنا رسول الله -عليه السلام-، أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك، فأنت وشأنك".

وأخرجه الطبراني (٢): من طريق محمد بن إسحاق أيضًا نحوه.

قوله: "لما بعث عمرو بن سعيد" هو عمرو بن سعيد بن العاص بن أميَّة بن عبد شمس بن عبد مناف أبو أميَّة المعروف بالأشدق قال الهيثم بن عدي: كان أفقم وذكر المرزباني أنه عُرف بالأشدق لأنه صعد المنبر فبالغ في شتم علي -رضي الله عنه- فأصيب بلقوة، وقال المبرد: كان عبد الله بن الزبير يلقبه لطيم الشيطان، وقال ابن سعد: ولاه يزيد بن معاوية المدينة، وكان أحب الناس إلى أهل الشام، وكانوا يسمعون له ويطيعون، قال: وكتب إليه يزيد أن يوجه إلى عبد الله بن الزبير بن العوام جيشًا، فوجه إليه جيشًا واستعمل عليهم عمرو بن الزبير بن


(١) في "الأصل، ك": "لقد"، وهو تحريف، والمثبت من "مسند أحمد".
(٢) "المعجم الكبير" (٢٢/ ١٨٥ رقم ٤٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>