للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: ليس الأمر كذلك؛ لأن معنى قوله: "إن إبراهيم حرم مكة" إن إبراهيم أعلن بتحريم مكة، وعَرَّف الناس بأنها حرام بتحريم الله إياها، فلما لم يعرف تحريمها إلاَّ في زمانه على لسانه أضيف التحريم إليه، وذلك كما أضاف الله تعالى توفي النفوس مرة إليه بقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ} (١) ومرة إلى ملك الموت بقوله: {قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ} (٢) ومرة إلى الملائكة أعوان ملك الموت بقوله: {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} (٣) ويجوز أن يضاف الشيء إلى من له فيه سبب.

وقد يقال: يحتمل أن يكون إبراهيم -عليه السلام- منع من الصيد بمكة والقتال فيها وشبهها، وأني أمنع مثل ذلك في المدينة لأن التحريم في كلام العرب المنع، قال تعالى: {وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ} (٤) أراد منعنا قبول المراضع.

الثاني: عن فهد بن سليمان، عن يوسف بن بهلول التميمي شيخ البخاري، عن عبد الله بن إدريس بن يزيد الزعافري، عن محمد بن إسحاق المدني، عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح.

وأخرجه أحمد في "مسنده" (٥): ثنا يعقوب، نا أبي، عن ابن إسحاق، حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبي شريح الخزاعي قال: "لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه لغزو ابن الزبير -رضي الله عنهما- أتاه أبو شريح فكلمه، وأخبره بما سمع من رسول الله -عليه السلام- ثم خرج إلى نادي قومه فجلس إليه، فقمت إليه فجلست معه، فحدث قومه كما حدث عمرو بن سعيد ما سمع من رسول الله -عليه السلام- وعما قال له عمرو بن سعيد، قال: قلت: يا هذا، إنا كنا مع رسول الله -عليه السلام- حين افتتح مكة، فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك،


(١) سورة الزمر، آية: [٤٢].
(٢) سورة السجدة، آية: [١١].
(٣) سورة النحل، آية: [٢٨].
(٤) سورة القصص، آية: [١٢].
(٥) "مسند أحمد" (٤/ ٣٢ رقم ١٦٤٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>