للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: هذا فيما لم يغرسه الآدمي من الشجر، وأما ما غرسه الآدمي فلا شيء عليه فيه، وحكى الخطابي أن مذهب الشافعي منع قطع ما غرسه الآدمي من شجر البوادي ونماه، وأنه وغيره مما أنبته الله سواء، واختلف قوله في جزاء الشجر على اختلاف مالك وأبي حنيفة، وعند الشافعي في الدوحة بقرة وما دونها شاة وعند أبي حنيفة يؤخذ من قيمة ما قطع فيشتري به هدي، فإن لم يبلغ ثمنه تصدق به بنصف صاع لكل مسكين، وفي بعض شروح البخاري: قد اختلفوا فيما يجب على من قطع شجرة من شجر الحرم، فقال مالك وأبو ثور: لا يجب عليه إلاَّ الاستغفار. وقال الشافعي: عليه الجزاء حلالًا كان أو حرامًا، في الشجرة الكبيرة: بقرة، وقال في الخشب وما أشبهه: فيه قيمته بالغة ما بلغت، وقال الكوفيون: فيها قيمتها والمحرم في ذلك والحلال سواء، وأجمع كل من نحفظ عنه العلم على إباحة أخذ كل ما ينتبه الناس في الحرم من البقول والزروع والرياحين، واختلفوا في أخذ السواك من شجر الحرم فعن مجاهد وعطاء وعمرو بن دينار أنهم رخصوا في ذلك، وحكى أبو ثور ذلك عن الشافعي، وكان عطاء يرخص في أخذ ورق السَّنا يستمشي به ولا ينزع من أصله، ورخص فيه عمرو بن دينار.

الخامس: لا يجوز رفع لقطتها إلاَّ لمنشد، قال القاضي عياض: حكم اللقطة في سائر البلاد واحد، وعند الشافعي أن لقطة مكة بخلاف غيرها من البلاد، وأنها لا تحل إلاَّ لمن يعرفها؛ تعلقًا بهذا الحديث، ويحمل اللفظ على أصلنا على المبالغة للتعريف؛ لأن الحاج يرجع إلي بلده وقد لا يعود إلاَّ بعد أعوام، فتدعو الضرورة لإِطالة التعريف بها بخلاف غير مكة.

قلت: مذهب أصحابنا أيضًا كمذهب مالك؛ لعموم قوله -عليه السلام-: "اعرف وقاصها ووكاءها ثم عرفها سنة". من غير فصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>