ينبت الإِذخر منفردًا، وهو ينبت في السهول والحزون، ويقال: أعذق الإِذخر إذا خرج عذقه وكذلك الكبس كأنه مأخوذ من الكباسة وهي العذق واحجب إذا نبت في نواحيه وإذا حف الأذخر أبيض، وفي "شرح ألفاظ المنصوري": الإِذخر خشب يجلب من الحجاز وبالمغرب صنف منه، قيل: هذا أصح ما قيل في الإِذخر ويدل عليه قول عباس -رضي الله عنه-: "لبيوتهم وقبورهم" فإن البيوت لا تسقف إلاَّ بالخشب، ولا يجعل على اللحود إلاَّ الخشب ولا يمكن أن تسقف البيوت أو يجعل على اللحود حشيش فإنه غير متماسك لا رطبًا ولا يابسًا.
قلت: المراد به أنه يسد به الفرج التي تتخلل من لبنات القبر لا أنه يسوى على القبر موضع اللبنات، وكذلك تسد به الفرج التي بين جذوع السقف ولا يسقف به وكذلك الحشيش، فافهم.
ويستفاد منه أحكام:
الأول: فيه دليل على أن مكة حرام فلا يجوز لأحد أن يدخلها إلاَّ بإحرام، وأن دخول النبي -عليه السلام- حلالًا كان في الوقت الذي أحلت له مكة.
الثاني: فيه أنه لا يجوز قطع حشيش الحرم مما ينبت بنفسه وعلى هذا الإِجماع، فأما الذي يزرعه الناس نحو البقول والخضراوات والقصيل؛ فإن هذا يجوز قطعه واختلاؤه، واختلف في الرعي فيما أنبته الله من خلاها فمنع ذلك أبو حنيفة ومحمد، وأجازه أبو يوسف والشافعي ومالك وأحمد.
الثالث: فيه جواز قطع إذخر الحرم لكونه مستثنى.
الرابع: فيه أنه لا يجوز قطع شجر الحرم، قال ابن المنذر: أجمع العلماء على تحريم قطع شجر الحرم.
وقال في الإِمام: اختلف الناس في قطع شجر الحرم هل فيه جزاء أم لا، فعند مالك: لا جزاء فيه، وعند أبي حنيفة والشافعي: فيه الجزاء.