الفتح: إن هذا البلد حرمه الله يوم خلق السماوات [والأرض](١) فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلاَّ ساعة من نهار، فهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة، لا يعضد شوكه ولا ينفر صيده ولا يلتقط إلاَّ من عرفها ولا يختلى خلاها، فقال العباس: يا رسول الله، إلاَّ الأذخر".
قوله: "حرم مكة" أي جعلها حرامًا، وقد فسر ذلك بقوله: "لم تحل لأحد قبلي ... " إلى آخره.
قوله: "بين هذين الأخشبين" وأراد بهما الجبلين المطيفين بمكة، وهما أبو قبيس والأحمر، وهو جبل مشرف وجهه على قعيقعان، والأخشب كل جبل خشن غليظ، وفي الحديث: "لا تزول مكة حتى يزول أخشباها".
قوله: "إلَّا ساعة في نهار" لم يرد بها الساعة من الاثنتي عشرة ساعة، والمراد بها القليل من الوقت والزمان، وأنه كان بعض النهار ولم يكن يومًا تامًّا، ودليله: "وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس".
قوله: "لا تختلي خلاها" أي لا يقطع كلاؤها، وقال ابن مالك في كتابه "تحفة المودود": والخلا هو الرطب من الكلأ، الواحدة خلاة، ولامة ياء، لقولهم خليت البقل قطعته وفي "المخصص" تقول: خليت الخلا خليًا: جززته، في "المحكم" وقيل: الخلا: كل بقلة قلعتها، وقد يجمع الخلا على أخلاء، حكاه أبو حنيفة، وأخلت الأرض: كثر خلاها واختلاه: جزه، وقال اللحياني: نزعه وفي كتاب "النبات" للدينوري: الخلا: العشب ما دام رطبًا، فإذا يبس فهو حشيش، وقال القاضي: ومعنى لا يختلى خلاها: لا يحصد كلاؤها، والخلا مقصور: الكلاء الرطب، فإذا يبس فهو حشيش وهشيم، وفي "المطالع" لا يختلى خلاها مقصور، ومده بعض الرواة وهو خطأ، وهو العشب الرطب، والاختلاء القطع، فعل مشتق من الخلا، والمخلا مقصورة حديدة يختلى بها الخلا، والمخلاة وعاء يختلى فيه للدابة،