للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأخرجه أبو داود (١): نا عثمان بن أبي شيبة، قال: ثنا جرير، عن الشيباني، عن زياد بن علاقة، عن أسامة بن شريك قال: "خرجت مع النبي -عليه السلام- حاجًّا، فكان الناس يأتونه، فمن قائل: يا رسول الله، سعيت قبل أن أطوف، أو أخرت شيئاً، أو قدمت شيئًا، فكان يقول: لا حرج، لا حرج إلاَّ على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم، فذلك الذي حرج وهلك".

قوله: "حرج" بكسر الراء أي إثم.

قوله: "أفلا ترى ... إلى آخره" ظاهر وقد أوضحناه فيما مضى.

ص: وقد جاء عن ابن عباس ما يدل على هذا المعنى أيضًا:

حدثنا علي بن شيبة، قال: ثنا يحيى بن يحيى، قال: ثنا أبو الأحوص، عن إبراهيم بن مهاجر، عن مجاهد، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: "من قدم شيئًا من حجه أو أخره فليهرق لذلك دمًا".

حدثنا نصر بن مرزوق، قال: ثنا الخصيب، قال: ثنا وهيب، عن أيوب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مثله.

فهذا ابن عباس يوجب على من قدم شيئًا من نسكه أو أخره دمًا، وهو أحد من روى عن النبي -عليه السلام- أنه ما سئل يومئذ عن شيء قدم ولا أخر من أمر الحج إلاَّ قال: لا حرج، فلم يكن معنى ذلك عنده [معنى الإِباحة في تقديم ما قدموا، ولا تأخير ما أخروا مما ذكرنا إذ كان يوجب في ذلك دمًا ولكن كان معنى ذلك عنده] (٢) على أن الذي فعلوه في حجة النبي -عليه السلام- كان على الجهل منهم بالحكم فيه، كيف هو؟ فعذرهم بجهلهم، وأمرهم في المستأنف أن يتعلموا مناسكهم.

ش: أي ثم قد جاء عن عبد الله بن عباس ما يدل على المعنى المذكور، وهو أن نفي الحرج عنهم إنما كان للنسيان والجهل، والدليل على ذلك: أن ابن عباس


(١) "سنن أبي داود" (٢/ ٢١١ رقم ٢٠١٥).
(٢) ليست في "الأصل، ك"، والمثبت من "شرح معاني الآثار".

<<  <  ج: ص:  >  >>