للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدل ما ذكرنا على أنه -عليه السلام- أسقط الحرج عنهم في ذلك للنسيان؛ لا أنه أباح ذلك لهم حتى يكون لهم مباح أن يفعلوا ذلك في العمد.

ش: إسناده صحيح، ورجاله كلهم رجال الصحيح.

وأخرجه البيهقي نحوه (١): من حديث أسامة بن زيد، عن عطاء، عن جابر: "أن رسول الله -عليه السلام- رمى، ثم جلس للناس، فجاء رجل فقال: حلقت قبل أن أنحر، فقال: لا حرج، ثم جآءه آخر فقال: حلقت قبل أن أرمي قال: لا حرج، فما سئل عن شيء إلَّا قال: لا حرج.

قوله: "فدل ما ذكرنا" أي من هذه الأحاديث الدالة على الاحتمال الثاني؛ أنه -عليه السلام- قد أسقط الحرج عنهم في ذلك لأجل النسيان وعدم الشعور، لا للأجل أن يكون لهم مباحًا يفعلون ذلك أيضًا في حال العمد.

ص: وقد روى أبو سعيد الخدري عن النبي -عليه السلام- ما يدل على ذلك أيضًا:

حدثنا ابن أبي داود، قال: ثنا المقدمي، قال: ثنا عمر بن علي، عن الحجاج، عن عُبادة بن نسي، قال: حدثني أبو زُبيد قال: سمعت أبا سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: "سئل رسول الله -عليه السلام- وهو بين الجمرتين عن رجل حلق قبل أن يرمي، قال: لا حرج، وعن رجل ذبح قبل أن يرمي، قال: لا حرج، ثم قال: عباد الله وضع الله -عز وجل- الحرج والضيق، وتعلموا مناسككم؛ فإنها من دينكم". أفلا تَرى أن أمرهم بتعلم مناسكهم لأنهم كانوا لا يحسنونها؟ فدل ذلك أن الحرج الذي رفعه الله عنهم هو لجهلهم بأمر مناسكهم لا لغير ذلك.

ش: أي قد روى أبو سعيد سعد بن مالك الخدري عن النبي -عليه السلام- ما يدل على المعنى الذي ذكرناه وَبَيَّنَ ذلك بقوله: "أفلا ترى أنه ... إلى آخره".


(١) "سنن البيهقي الكبرى" (٥/ ١٤٣ رقم ٩٤١٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>