للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وروى زفر عن أبي حنيفة: إذا أفطر مرة وكفَّر ثم عاد فلا كفارة عليه للإفطار الثاني إذا كان في شهر واحد.

واختلف عن الثوري فروي عنه مثل قول أبي حنيفة وهي رواية أبي يوسف، وروي عنه مثل قول مالك -رحمه الله-.

ص: وكان من الحجة لهم في ذلك: أن حديث أبي هريرة الذي ذكرناه في الفصل الذي قبل هذا الفصل قد دخل فيه حديث عائشة - رضي الله عنها - كما ذكروا، وأصل حديث أبي هريرة ذلك من التبدئة بالرقبة إن كان المجامع لها واجدًا، والتثنية بالصيام بعدها إن كان المجامع للرقبة غير واجد، والتثليث بالأطعام بعدهما إن كان المجامع لهما غير واجد، هكذا أصل الحديث الذي رواه الزهري في ذلك، وكذلك رواه سائر الناس غير مالك وابن جريج، وبيَّنوا فيه القصة بطولها كيف كانت، وكيف أمر رسول الله - عليه السلام - بالكفارة في ذلك.

حدثنا فهد، قال: ثنا عبد الله بن صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني عبد الرحمن بن خالد بن مسافر، عن ابن شهاب، عن حُميد بن عبد الرحمن، أن أبا هريرة - رضي الله عنه - قال: بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هَلَكْتُ، فقال له رسول الله - عليه السلام -: ويلك ما لك؟! قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم في رمضان، فقال رسول الله - عليه السلام -: هل تجد رقبة تعتقها؟ فقال: لا، قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا والله يا رسول الله، قال: فهل تجد إطعام ستين مسكينًا؟ قال: لا يا رسول الله، فسكت رسول الله - عليه السلام - فبينا نحن كذلك أُتي رسول الله - عليه السلام - بعَرق فيه تمر -والعرق: المكتل- فقال رسول الله - عليه السلام -: أين السائل آنفًا؟ خذ هذا فتصدق به، فقال الرجل: أعلى أهل بيت أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها -يريد الحرتين- أفقر من أهل بيتي، فضحك رسول الله - عليه السلام - حتى بدت أنيابه، ثم قال: أطعمه أهلك".

قال: فصارت الكفارة إلى عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>