للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرج ذلك بإسناد صحيح، عن إبراهيم بن أبي داود البرلسي، عن سعيد بن أبي مريم شيخ البخاري، عن الليث بن سعد، عن عبد الله بن وهب، عن عبد الله بن عمر العمري، عن نافع، عن ابن عمر - رضي الله عنهما -.

وذكره ابن عبد البر في التمهيد (١): من حديث عبد الله بن وهب، عن العمري، عن نافع، عن ابن عمر: "أن إسلام أبي هريرة كان بعد موت ذي اليدين". فبطل بهذا قول من قال: إن ذا اليدين تأخر إلى زمن معاوية وروى عنه المتأخرون، وثبت أن أبا هريرة قد كان أرسل حديث ذي اليدين كما أرسل: "من أدرك الفجر جنبًا فلا صوم له" وكان كثير الإرسال.

قوله: "وإنما قول أيضًا هريرة ... إلى آخره" جواب عما يقال: كيف تقولون: إن قضية ذي اليدين كانت قبل بدر، وأن موت ذي اليدين كان قبل إسلام أبي هريرة، وأن أبا هريرة لم يحضر صلاته ولا شهدها، وأبو هريرة يقول: "صلى بنا رسول الله - عليه السلام -" فهذا إخبار عن نفسه أنه كان حاضرًا تلك الصلاة مع النبي - عليه السلام -، وتقرير الجواب أن يقال: إن كلام أبي هريرة ليس على حقيقته، وإنما معنى قوله: "صلى بنا" صلى بالمسلمين، ومثل هذا سائغ زائغ في اللغة، شائع بين الناس، وذلك كما في قول النزال بن سبرة قال: "قال رسول الله - عليه السلام - إنا وإياكم ... " الحديث أراد به: قال لقومنا؛ لأن النزال بن سبرة الهلالي العامري الكوفي من كبار التابعين، والأصح أنه لم ير النبي - عليه السلام -، وذكره ابن حبان في "الثقات" من التابعين، وقال العجلي: كوفي تابعي ثقة، من كبار التابعين، وروايته عن النبي - عليه السلام - مرسلة، روى له الجماعة سوى مسلم، الترمذي في "الشمائل".

وقد أخرج حديثه الطحاوي عن فهد بن سليمان وأبي زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي حافظ الشام، كلاهما عن أبي نعيم الفضل بن دكين الملائي الكوفي الأحول شيخ البخاري، عن مسعر بن كدام الكوفي روى له الجماعة، عن عبد الملك بن ميسرة الهلالي الكوفي الزراد روى له الجماعة.


(١) "التمهيد" (١/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>