قوله:"فقد انتفت" أي: إذا كان الأمر كذلك فقد انتفت، من الانتفاء ومن النفي، والباقي ظاهر.
وقد ذكر آخرون في إتمام عثمان - رضي الله عنه - صلاته وجوهًا أُخَر.
مِنْها: ما قاله بعضهم: إن عثمان - رضي الله عنه - إنما أتم بمنى لأنه تأهل بمكة شرفها الله تعالى، وروى عبد الله بن الحارث بن أبي ذباب، عن أبيه، وقد عمل الحارث لعمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال:"صلى بنا عثمان أربع ركعات فلما سلّم أقبل على الناس فقال: إني تأهلت بمكة وقد سمعتُ رسول الله - عليه السلام - يقول: من تأهل ببلدة فهو من أهلها فليُصلَّ أربعًا".
وفي مسند محمد بن سنجر بِسَندٍ ضعيف:"أن عثمان - رضي الله عنه - لما أنكروا عليه قال: أيها الناس إني لما قدمتُ تأهلتُ بها، إني سمعتُ رسول الله - عليه السلام - يقول: إذا تأهل الرجل ببلدٍ فليصلّ بهم صلاة المقيم".
ورُدَّ هذا بأنه كان يسافر بزوجاته ويُقصّر، وأيضًا المسافر إذا دخل مصرًا وتزوج بها لا يصير مقيمًا بنفس التزوج بخلاف المرأة، نصَّ عليه صاحب "الغنية" أيضًا.
ومنها: ما قاله بعضهم: كان أهله بمكة فلذلك أتمها.
ورُدَّ هذا أيضًا بما ذكرناه.
ومنها: ما قاله ابن حزم: قيل: إنه تأول أنه إمام الناس فحيث حلّ هو منزله. ورُدَّ هذا أيضًا بأن النبي - عليه السلام - كان أولى بذلك ولم يفعله.
ومنها: ما ذكره القرطبي: أن الوجه في أمر عثمان أنه هو وعائشة - رضي الله عنهما - تأولا أن القصر رخصة غير واجب فأخذ بالأكمل الأتم، ولولا ذلك ما أقروا عثمان عليه.