لأحد ممن يحج أو يعتمر أن يترك الطواف بهما، فإذا كان قوله:"لا جناح" دائرًا بين الإيجاب ونفيه؛ لم يكن لأحد أن يحمل معناه على الوجوب أو على عدم الوجوب إلا بدليل يدل عليه من الكتاب أو السنة أو الإجماع، فنظرنا في ذلك؛ فوجدنا الآثار والأحاديث قد تواترت وتكاثرت بأنه - عليه السلام - قد قصر الصلاة في أسفاره؛ فباتت قرينةً على أن نفي الجناح في الآية المذكورة على الإيجاب.
ص: وقد جاءت الآثار المتواترة عن رسول الله بتقصيره في أسفاره كلها، فمما رُوي عنه في ذلك: ما حدثنا يزيد بن سنان، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، عن يزيد بن خُمَير، قال: سمعت حبيبَ بن عبيد يُحدِّث عن جبير بن نفير، عن ابن السمط قال: سمعت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يقول:"رأيتُ رسول الله - عليه السلام - صلى بذي الحليفة ركعتين".
ش: أي: قد جاءت الأحاديث المتكاثرة عن النبي - عليه السلام - بأنه كان يقصر في الصلاة في جميع أسفاره.
فمما روي عن النبي - عليه السلام - في ذلك حديث عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -.
أخرجه بإسناد صحيح على شرط مسلم: عن يزيد بن سنان القزاز، عن أبي داود سليمان بن داود الطيالسي، عن شعبة، عن يزيد بن حميد بن يزيد الرحبي، أبي عمر الشامي الحمصي، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح"، عن حبيب بن عبيد الرحبي، أبي حفص الشامي الحمصي، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح"، عن جبير بن نفير -كلاهما بالتصغير- الحضرمي أبي عبد الله الشامي الحمصي، روى له الجماعة البخاري في غير "الصحيح"، عن شرحبيل بن السمط الكندي، أبي السمط الشامي، مختلف في صحبته، ذكره في "الكمال" من التابعين، وكذا ذكره ابن حبان في "الثقات" من التابعين، روى له الجماعة سوى البخاري.