للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قوله: "استصرخ" على بناء المجهول يقال: أستصرخ الإنسان إذا أتاه الصارخ، وهو المُصَوِّت يُعْلمه بأمر حادث يستعين به عليه أو ينعي له ميتًا والاستصراخ: الاستغاثة.

قوله: "ابنة أبي عبيد" بيان لقوله: "على بعض أهله" واسمها صفية بنت أبي عبيد بن مسعود الثقفية، أخت المختار بن أبي عبيد الكذاب، رأت عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - وروت عن عائشة - رضي الله عنها -، روى عنها نافع مولى ابن عمر، وعبد الله ابن دينار، قال أحمد: هي مدنية ثقفية ثقة، روى لها مسلم وأبو داود وابن ماجه وعمرت أزيد من ستين عامًا.

قوله: "حتى همَّ الشفق أن يغيب" أي حتى قصد الغيبوبة، أراد به كاد أن يغيب الشفق.

وهو أيضًا محمول على أنه أخّر الصلاة الأولى إلى آخر وقتها، وقدم الصلاة الأخرى في أول وقتها ة فيكون جامعًا بينهما فعلًا لا وقتًا.

فإن قيل: كيف تقول: يكون جامعًا بينهما فعلًا لا وقتًا؛ ورواية أبي داود تصرح أنه جمع بينهما بعد غياب الشمس، حيث قال: "فسار حتى غاب الشفق، فنزل" وهذا صريح على أنه جمع بينهما وقتًا لا فعلًا؟!

قلت: قد فتح لي جواب من الفيض الإلاهي، وهو أن الشفق لونه أحمر وأبيض كما اختلف الفقهاء فيه والعلماء من الصحابة - رضي الله عنهم - ويحتمل أنه جمع بينهما بعد غياب الشفق الأحمر، فتكون المغرب في وقتها على قول من يقول: الشفق هو الأبيض، وكذلك العشاء تكون في وقتها على قول من يقول: الشفق هو الأحمر، فيطلق عليه أنه جمع بينهما بعد غياب الشفق.

فإن قيل: قد ذكر البيهقي (١) في باب الجمع بين الصلاتين في السفر: عن حماد بن زيد، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر: "أنه سار حتى غاب


(١) "السنن الكبرى" (٣/ ١٥٩ رقم ٥٣٠٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>