للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأول: أن يكون ذلك هو آخر وقتها الذي إذا خرج هذا فأتت العصر.

والثاني: يحتمل أن يكون هو الوقت الذي لا ينبغي أن تؤخر الصلاة إلى حين خروج ذلك الوقت، وأن الذي يصليها بعد ذلك الوقت وإن كان قد صلاها في وقتها مفرط مقصر لما فاته من فضيلة ذلك الوقت وإن كانت لم تفت بعد، ألا ترى إلى ما روي عنه - عليه السلام - أنه قال: "إن الرجل ليصلي الصلاة ولم تفته ... " الحديث، يدل على أن الصلاة في خاص من الوقت أي في جزء معين منه أفضل من الصلاة في بقية ذلك الوقت؟! فيحتمل أن يكون الوقت الذي لا ينبغي أن يؤخر العصر حتى يخرج هذا الوقت هو الذي صلاها رسول الله - عليه السلام - فيه في اليوم الثاني، وإلى هذا ذهبت طائفة فقالوا: لا ينبغي أن يؤخر العصر إلى ما بعد صيرورة ظل كل شي مثليه، وحكى ابن عبد الحكم وابن القاسم عن مالك: أن آخر وقت العصر أن يكون ظل كل شي مثليه، فكأنه لاحظ ما ذكرنا من الاحتمال الأول.

وقال أبو عمر: هذا عندنا وقت الاختيار، وقد ذكر ابن وهب عن مالك أنه قال: آخر وقتها غروب الشمس. وقد قال أيضًا ابن وهب عن مالك: وقت الظهر والعصر إلى غروب الشمس. وهذا عندنا أيضًا على أصحاب الضرورات.

وقال الشافعي: أول وقتها في الصيف إذا جاوز ظل كل شي مثله بشيء ما كان، ومن أخَّر العصر حتى يجاوز ظل كل شي مثليه في الصيف أو قدر ذلك في الشتاء فقد فاته الاختيار، ولا يجوز أن يقال: قد فاته العصر مطلقًا كما جاز على الذي أخّر الظهر إلى أن جاوز ظل كل شي مثله. قال: وإنما قلت ذلك لحديث أبي هريرة عن النبي - عليه السلام -: "من أدرك ركعة من العصر قبل غروب الشمس فقد أدركها" (١).

قوله: "هذا الوقت الذي صلاها رسول الله - عليه السلام -" خبر لقوله: "فيحتمل أن يكون الوقت الذي لا ينبغي أن يؤخر".

قوله: "وقد دلّ على ما ذكرنا" أراد به ما ذكره من قوله: "فثبت أن ذلك أول وقتها"، وما ذكره من قوله: "وأن من صلاها بعده وإن كان قد صلاها في وقتها".


(١) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>