للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو عمر (١): واختلفوا في آخر وقت الظهر؛ فقال مالك وأصحابه: إذا صار ظل كل شيء مثله بعد القدر الذي زالت عليه الشمس، وهو أول وقت العصر بلا فصل، وبذلك قال ابن المبارك وجماعة.

وقال الثوري (٢) والحسن بن حَيّ وأبو يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهوية ومحمد بن جرير الطبري: آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثله، ثم يدخل وقت العصر، ولم يذكروا فاصلة؛ إلا أن قولهم: ثم يدخل وقت العصر. يدل على فاصلة.

وقال أبو حنيفة: آخر وقت الظهر إذا كان ظل كل شيء مثليه. انتهى.

واستدل هؤلاء بقوله: "فصلى في العصر حين صار ظل كل شي مثله" فدل هذا أن أول وقت العصر هذا، فكان هو آخر وقت الظهر ضرورةً، وقالوا: إن قوله: "وصلى في العصر حين صار ظل كل شيء مثليه" لبيان آخر الوقت، ولم يؤخر الظهر في اليوم الثاني إلى أن يصير ظل كل شيء مثليه، فدل أن آخر وقت الظهر ما ذكرنا.

واستدل أبو حنيفة بما أخرجه البخاري (٣) من حديث ابن عمر قال: قال النبي - عليه السلام -: "مثلكم ومثل أهل الكتاب كمثل رجل استأجر أجراء، فقال: من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط؟ فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط؟ فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين؟ فأنتم هم، فغضبت اليهود والنصارى، فقالوا: ما لنا أكثر عملًا وأقل عطاء؟! قال: هل نقصتكم من حقكم؟ قالوا: لا. قال: فذلك فضلي أوتيه مَنْ أشاء".


(١) "التمهيد" لابن عبد البر (٨/ ٧٣).
(٢) "التمهيد" لابن عبد البر (٨/ ٧٥).
(٣) "صحيح البخاري" (٢/ ٧٩١ رقم ٢١٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>