للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليعلمكم دينكم" وإنما علمهم هذه الثلاثة، والحاصل في هذا أن الدين تارةً يطلق على الثلاثة التي سأل عنها جبريل - عليه السلام -، وتارةً يطلق على الإِسلام كما في قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (١) وبهذا يمنع قول من يقول: بين الآية والحديث معارضة؛ حيث أطلق الدين في الحديث على ثلاثة أشياء، وفي الآية على شيء واحد، واختلاف الإطلاق إما بالاشتراك أو بالحقيقة والمجاز، أو بالتواطئ ففي الحديث أطلق على مجموع الثلاثة؛ وهو أحد مدلولَيْه، وفي الآية أطلق على الإِسلام وحده؛ وهو مسماه الآخر.

فإن قيل: لم قال: بالإِسلام ولم يقل: بالإيمان؟

قلت: الإِسلام والإيمان واحد فلا يرد السؤال، والدليل على ذلك قوله تعالى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (٣٦)} (٢) والمراد بهما آل لوط - عليه السلام -، فوصفهم تارة بأنهم مؤمنون، وتارة بأنهم مسلمون، فدل على أن الإيمان والإِسلام شيء واحد.

قوله: "غفر له ذنبه" جواب قوله: "مَن قال" أي غُفِرَ له ذنوبه ما دون الكبائر، هكذا قالوا، ولكن اللفظ بعمومه يتناول الصغائر والكبائر، نعم يخرج عنه حق العباد لدلائل أخرى، فافهم.

ص: حدثنا محمد بن النعمان السَقَطي، قال: ثنا يحيى بن يحيى النيسابوريّ، قال: ثنا أبو عمر البزار. عن قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب، عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - أن رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما من مسلم يقول إذا سمع النداء فيكبر المنادي فيكبر، ثم يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك وأن محمدًا رسول الله، فيشهد على ذلك ثم يقول: اللهم أعط محمدًا الوسيلة واجعله في الأَعْلين درجته، وفي المصطفين محبته، وفي المقربين ذكره. إلا وجبتْ له شفاعة مني يوم القيامة".


(١) سورة المائدة، آية: [٣].
(٢) سورة الذاريات، آية: [٣٥، ٣٦].

<<  <  ج: ص:  >  >>