للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا شريك له وأن محمدًا عبد ورسوله، رضيت بالله ربًا وبمحمدٍ نبيًّا غفر له ذنبه. فقلت: ما تقدم من ذنبه. فقال: ليس هكذا قال سعد، قال: غُفر له ذنبه".

الثالث: عن رَوْح بن الفرج القطان، عن سعيد بن كثير بن عفير أبي عثمان المصري، عن يحيى بن أيوب الغافقي أبي العباس المصري، عن عبيد الله بن المغيرة ابن مُعَقبة، المصري عن الحكيم بن عبد الله، عن عامر بن سعد، عن سعد بن أبي وقاص ... إلى آخره، وزاد فيه روح بن الفرج أنه قال: "من قال حين يَسمع المؤذن يتشهد: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده ... " إلى آخره.

قوله: "ورضيت بالله ربًا" أي قنعتُ به واكتفيتُ به ولم أطلب معه غيره.

قوله: "وبالإسلام دينًا" أي رضيت بالإِسلام دينًا بمعنى: لم أسَعْ في غير طريق الإِسلام، ولم أسلك إلا ما يوافق شرع محمد - عليه السلام -، أو لم أتبع غير الإِسلام دينًا.

فإني قيل: بماذا انتصب ربًّا ورسولًا ودينًا؟

قلت: يجوز أن يُنصبْن على التمييز، وهو وإن كان الأصل فيه أن يكون فاعلًا في المعنى يجوز أن يكون مفعولًا أيضًا نحو {وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا} (١) ويجوز أن ينصبن علي المفعولية لأن "رضي" إذا عُدي بالباء يتعدى إلى مفعول آخر.

فإن قيل: ما المراد من قوله: "دينًا

قلت: المراد من الدين ها هنا التوحيد، وبذلك فسر صاحب "الكشاف" في قوله: تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا} (٢) بمعنى التوحيد.

وأما في الحديث الصحيح عن عمر - رضي الله عنه - قال: "بينما نحن عند رسُول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ... إلى آخره" (٣). فقد أطلق رسُول الله - عليه السلام - الدين على الإِسلام والإيمان والإحسان بقوله: "إنه جبريل أتاكم


(١) سورة القمر، آية: [١٢].
(٢) سورة آل عمران، آية: [٨٥].
(٣) أخرجه مسلم (١/ ٣٦ رقم ٨)، وأخرجه البخاري (١/ ٢٧ رقم ٥٠) من حديث أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>