للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذبك الأول، أو خرج جاسوسك الأول متقدما قبل وصول هذا من عند عدوك.

وقد أبرموا لك أمرا، وحاولوا لك مكيدة، وأرادوا (١) منك غرّة، فازدلفوا (٢) إليك فى الأهبة، ثم انتقض بهم رأيهم، واختلف عنهم جماعتهم، فأوردوا (٣) رأيا، وأحدثوا مكيدة، وأظهروا قوة، وضربوا موعدا، وأمّوا مسلكا لمدد (٤) أتاهم، أو قوة حدثت لهم، أو بصيرة فى ضلالة شغلتهم، فالأحوال بهم متنقّلة فى الساعات، وطوارق الحادثات، ولكن البسهم (٥) جميعا على الانتصاح، وارضخ لهم المطامع (٦) فإنك لن تستعبدهم بمثلها، وعدهم جزالة المثاوب (٧) فى غير ما استنامة منك إلى ترقيقهم أمر عدوك، والاغترار إلى ما يأتونك (٨) به، دون أن تعمل رويّتك فى الأخذ بالحزم، والاستكثار من العدّة، واجعلهم أوثق من تقدر عليه، وآمن من تسكن إلى ناحيته، ليكون ما يبرم عدوّك فى كل يوم وليلة عندك، إن استطعت ذلك، فتنقض عليهم برأيك وتدبيرك ما أبرموا (٩)، وتأتيهم من حيث أمنوا (١٠) وتأخذ لهم أهبة ما عليه أقدموا (١١)، وتستعد لهم بمثل ما حذروا.

واعلم أن جواسيسك وعيونك ربّما صدقوك، وربما غشوك، وربما كانوا لك وعليك، فنصحوا لك وغشوا عدوك، وغشوك ونصحوا عدوك، وكثيرا ما يصدقونك ويصدقونه، فلا تبدرنّ منك فرطة عقوبة إلى أحد منهم، ولا تعجل بسوء الظن


(١) فيه «وازدادوا» وهو تحريف.
(٢) أى اقتربوا وتقدموا، ومحل هذه الجملة فى المنظوم والمنثور «وإن دفعوا إليك فى الأمر» وصوابه «واندفعوا».
(٣) فى صبح الأعشى «فأرادوا».
(٤) فى المنظوم والمنثور «لعدد».
(٥) أى خالطهم وعاملهم والضمير للجواسيس. لابسه: خالطه.
(٦) رضخ له من ماله: أعطاه، والرضيخة: العطية، وقيل: العطية المقاربة. وقيل القليلة، وفى المنظوم والمنثور «وأن صح لهم المطامع» وهو تحريف.
(٧) جمع مثوبة بالفتح وهى الثواب.
(٨) وفيه «والاغترار بما لم يأتوك به».
(٩) وفيه «ما لم يرموا» ورم الشىء كنصر وضرب: أصلحه.
(١٠) فيه «من حيث أقدموا».
(١١) ساقطة من المنظوم والمنثور.

<<  <  ج: ص:  >  >>