للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالسَّلامة وبالطيبِ، والدخول والخلود.

وأمَّا أهلُ النَّارِ، فإنَّهم لما انتهوا إليها على تلك الحال من الهمِّ والغمِّ والحُزنِ، وفتحت لهم أبوابها، ووقفوا عليها وزيدوا إلى ما هم عليه توبيخ خزنتها، وتبْكِيتهم لهم بقولهم: {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} [الزمر: ٧١] فاعترفوا وقالوا: بلى. فبشروهم بدخولها والخلود فيها، وأنَّها بئس المثوى لهم.

وتأمَّل قول خزنة الجنَّة لأهلها: {ادْخُلُوهَا}: وقول خزنة النَّارِ (١) لأهلها: {ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنَّمَ} تَجِدْ تَحْتهُ سرًّا لطيفًا ومعنًى بديعًا لا يخفى على المُتأمِّلِ، وهو: أنَّها لمَّا كانت دار العقوبة وأبوابها أفظع شيءٍ، وأشد (٢) حرًّا، وأعظم غمًّا، يستقبل فيها الداخلُ من العذاب ما هو أشد منها، ويدنو من الغمّ والخزي والكرب بدخول الأبواب = قيل (٣) : ادخلوا أبوابها صَغَارًا لهم، وإذْلالًا وخزيًا، ثمَّ قيل لهم: لا يقتصر بكم (٤) على مجرَّد دخول الأبواب الفظيعة، ولكن وراءها الخلود في النَّار.

وأمَّا الجنَّة فهي دار الكرامة، والمنزل الَّذي أعدَّه اللَّهُ لأوليائه، فبُشروا من أوَّل وَهْلَةٍ بالدخولِ إلى المقاعد والمنازل والخلود فيها.


(١) في "ب": "أهل النَّار" بدل "النَّار".
(٢) في "ج، د": "وأشده"، وفي "ب": "وأشده حرًّا وأعظمه إثمًا".
(٣) في جميع النسخ "فقيل" ولعلَّ الصواب ما أثبته، وهو جواب "لمَّا".
(٤) في "ب": "منكم".