للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وتأمَّل قوله سبحانه: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (٥٠) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (٥١) } [ص: ٥٠ - ٥١] كيف تجد تحته معنى بديعًا، وهو أنَّهم إذا دخلوا الجنَّة لم تغلق أبوابُها عليهم بل تبقى مفتحة كما قال (١) .

وأمَّا النَّارُ فإذا دخلها أهلها أُغلقت عليهم أبوابها، كما قال تعالى: {إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ} [الهمزة: ٨] أي مطبقة مغلقة (٢) ، ومنه سُمِّيَ الباب وصِيدًا وهي: {مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ} قد جعلت العُمُد مُمْسكة للأبواب من خلفها، كالحجر العظيم الَّذي يُجْعل خلف الباب.

قال مُقَاتِل: "يعني أبوابها عليهم مطبقة، فلا يفتح لها باب، ولا يخرج منها غَم، ولا يدخل فيها رَوْح آخرَ الأبَدِ" (٣) .

وأيضًا: فإنَّ في تفتيح الأبواب لهم إشارةٌ إلى تصرفهم وذهابهم وإيابهم وتَبؤهم من الجنَّة حيث شاؤوا، ودخول الملائكة عليهم كل وقت بالتُّحف والألطاف من ربهم، ودخول ما يَسُرُّهم عليهم كل وقت.

وأيضًا: إشارة إلى أنَّها دارُ أمْنٍ لا يحتاجون فيها إلى غَلْقِ الأبوابِ، كما كانوا يحتاجون إلى ذلك في الدنيا.

وقد اختلف أهل العربية في الضمير العائد من الصِّفة على


(١) في "ب، د": "هي".
(٢) ليس في "ب".
(٣) انظر: "تفسير مقاتل": (٣/ ٥١٩).