للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يدخله من شاء، فجنَّة اللَّهِ غاليةٌ عاليةٌ، بين النَّاس وبينها من العقبات (١) والمفاوز والأخطار ما لا تنال إلا بهِ، فما لِمَنْ أتْبَعَ نفسه هواها وتمنَّى على اللَّهِ الأمانيَّ ولهذه الدَّار؟ فليُعَدِّ عنها إلى ما هو أولى به، وقد خُلِقَ لهُ وهُيِّئَ له.

وتأمَّل ما في سَوْقِ الفريقين إلى الدَّارين زمرًا من فرحة هؤلاء بإخوانهم، وسَيْرهم معهم كل زمرة على حِدَة، مشتركين في عملٍ متصاحبين فيه على زمرتهم وجماعتهم، مستبشرين أقوياء القلوب، كما كانوا في الدنيا وقت اجتماعهم على الخير، كذلك يؤنس بعضهم بعضًا، ويفرح بعضهم ببعض.

وكذلك أصحاب الدَّار الأُخرى يُسَاقون إليها زمرًا، يلعن بعضهم بعضًا، ويتأذَّى (٢) بعضهم ببعض، وذلك أبلغ في الخزي والفضيحة والهَتِيْكَة، من أن يساقوا واحدًا واحدًا، فلا تُهمِلْ تَدَبُّر قوله: {زُمَرًا}.

وقال خزنة أهل (٣) الجنَّة لأهلها: {سَلَامٌ عَلَيْكُمْ} فبدؤوهم بالسَّلام المتضمِّن للسلامة من كلِّ شرٍّ ومكروهٍ، أي: سَلِمْتُمْ، فلا يلحقكم بعد اليومِ ما تكرهون، ثمَّ قالوا لهم: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا} أي: سلامتكم ودخولها بطيبكم، فإنَّ اللَّهَ حرَّمها إلَّا على الطيبين، فبشَّروهم


(١) في "ب": "العقاب" وهو خطأ.
(٢) في "ب": "وينادي".
(٣) ليس في "ب".