زارني شاب فاضل قال إنه من «لَحْج»، ففتشت في زوايا ذهني فلم أجد شيئاً عن لحج هذه. ووجدتني أجهلها جهلاً مطبقاً، لا أعرف شكلها ولا أهلها، ولا أدري كثيراً ولا قليلاً من خبرها. ونظرت فوجدت أن كل ما نعرف عن بلادنا (العربية والإسلامية) هو ما ذكره المصنفون الأولون وما نحفظ من شعر فيها مما قاله الشعراء الأولون، ولولا أن الله يسّر لـ «ياقوت» أن يصف لنا هذه البلاد التي مرّ بأكثرها تاجراً، ويجمع ما قرأ عنها، في كتابه العظيم «معجم البلدان»، ولولا هذه الكتب الأربعة أو الخمسة الأخرى، لجهلنا عن بلادنا كل شيء.
فأين الكتب التي ألفها فيها علماؤنا اليوم؟ وأين الشعر الذي قاله فيها شعراؤنا؟ إنه لم يبق في فرنسا -مثلاً- جبل ولا نهر ولا قلعة ولا قصر إلا قال فيه الشعراء ووصفه الكتاب وكتب عنه العلماء. ونحن نعيش في أجمل البلاد، وأحفلها بالماضي الضخم والمجد التليد، وآمال شعب هبّ ينظر إلى الأمام وينشئ المستقبل المجيد، ثم لا نقول فيها شيئاً!