إزعاج يستمر من الصباح إلى المساء، ولا ينقطع لحظة واحدة نرجع فيها إلى أنفسنا ونستطيع أن نستجلي فيها طلعة رمضان أو نحس بوجوده. ورمضان أجمل مرحلة في طريق الزمان، يمر فيه ركب الإنسانية على الروض الأنيق فيرى المشهد البارع، ويشم العطر العبق، ويسمع من صدح البلابل وهديل الحمام ما يُرقص من الطرب القلوب.
ولكن كيف يرى المشهدَ من يزدحم عليه الناس حتى يسدوا في وجهه منافذ النظر؟ وكيف يشم الأريج من تهب من حوله العواصف؟ وكيف يسمع الصوت الرقيق من تحف به ضجة تزلزل الأرض؟
إنها مائدة حافلة، ولكنكم لا تدعونني أتناول لقمة منها حتى تصدوني عنها. إنه شهر التأمل والعبادة ولذة الروح وأنس القلب، ولكنكم لا تتركون لي ساعة، ساعة واحدة، أستمتع فيها بهدأة التأمل وذهلة الحلم ونشوة المناجاة.
وهذا هو الموجز، وهاكم تفصيل الأنباء كما يقول المذيع.
* * *
أما الإذاعة فإنها لا تسكت من صباح الله الباكر إلى نصف الليل، ولا تستريح ولا تريح، ولا تكف لسانها دقيقة. ولو كانت تذيع ما يعين على الخشوع والعبادة في رمضان وما يذكّر بالله لهان الخطب، ولكنها تذيع الأغاني التي أجمعت كلمة الإنس والجن على استنكار أكثرها. وأنا لا أقول للإذاعة:"لا تغنّي"؛ لأني لا أحب أن أقول كلمة أعلم أنه لن يُستجاب لها، ولكن أقول إن