للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عربي بكلمة كفر أعجمية، لقوله تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا} (١).

فعلم أن من لم يتبين له الهدى شاق الرسول لا يستحق هذا الجزاء، فإذا ارتفع هذا الجزاء ارتفع سببه وهو الكفر.

وقال سبحانه: {وما كان الله ليضل قومًا بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون} (٢) وقال عز وجل: {وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا} (٣) فالجهل مسقط للحكم، وموجب لانتفاء الردَّة، وهذا لا ينفي أن يكون القول أو الفعل كفرًا لكن القائل أو الفاعل لا يكفَّر حتى تقوم عليه الحجة.

ردَّة الهازل (٤):

الهازل: هو الذي يتكلم بالكلام من غير قصد لموجبه وحقيقته، بل على وجه اللعب. ومن أتى هازلًا بما يوجب ردَّته، فهو مرتد وعقوبته القتل كما قرره غير واحد من أهل العلم.

١ - والأصل في هذا قوله تعالى: {ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم} (٥).

قال ابن العربي: «لا يخلو ما قالوه من ذلك جدَّا أو هزلًا، وهو كيفما كان كفر، فإن الهزل بالكفر كفر، لا خلاف فيه بين الأمة، فإن التحقيق أخو العلم والحق، والهزل أخو الباطل والجهل» اهـ.

٢ - ولعموم قوله - صلى الله عليه وسلم -: «من بدَّل دينه فاقتلوه» (٦).

فالهازل بما يوجب ردَّته مبدل لدينه، والهازل في حقوق الله غير معذور، فيكون بهزله بذلك مبدلًا لدينه، فيكون مرتدًا يجب قتله، والحديث بعمومه يتناول المبدل جادًّا والمبدل هازلًا، والله أعلم.


(١) سورة التوبة: ١١٥.
(٢) سورة الإسراء: ١٥.
(٣) «تفسير القرطبي» (٨/ ١٠٧)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٣٩٤)، و «كشاف القناع» (٦/ ١٦٨)، و «الحدود والتعزيرات» (ص: ٤٣٩ - ٤٤٢).
(٤)
(٥) سورة التوبة: ٦٥، ٦٦.
(٦) صحيح: أخرجه البخاري، والترمذي، والنسائي، وأبو داود، وابن ماجة.

<<  <  ج: ص:  >  >>