جلب نفع أو دفع ضر, حالا أو مآلا.
وتحقيق ذلك: أن الأفعال الاختيارية لا تتم إلا بثلاثة أمور:
علم, وإرادة, وقدرة, فإن الفعل لايوجد إلا بتأثير القدرة, والقدرة
لا تعمل ما لم تستعملها الإرادة ولم تعين لها أحد الطرفين
الممكنين, أعني: الفعل والترك, والإرادة لا تبعث ولا تتوجه نحوه
ما لم يتصور فيه مصلحة تدعوه إليه, فتلك الإرادة إذا أبرمت وصارت
عزما جزما, عبر عنها بالنية لغة.
والشرع خصصها بالإرادة المتوجهة نحو الفعل ابتغاء لوجه الله
تعالى وامتثالا لحكمه, فمن فعل نائما أو غافلا ففعله معطل مهمل,
يماثل أفعال الجماد, ومن أتى طاعة رياء وسمعة, أو طمعا في عطاء
دنيوي, أو توقعا لثناء عاجل, أو تخلصا عن تعنيف الناس فهو مزور
أو مستعيض, لا مطمع ولا مطمح له سوى الدنيا, وما له في الآخرة
من خلاق, كما قال عليه السلام:" إن أول الناس يقضى إليه يوم
القيامة: رجل استشهد, فأتى به فعرفه نعمه فعرفها, قال: فما
عملت فيها؟ قال: قاتلت فيك حتى استشهدت, قال: كذبت ولكنك
قاتلت لأن يقال: رجل جريء وقد قيل فأمر به فسحبت على وجهه
حتى ألقي في النار " الحديث.